سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس
ابن زيد بن عبد الأشهل. يكنى أبا عمرو، وأمه كبشة بنت رافع من المبايعات. أسلم سعد على يد مصعب بن عمير، فأسلم بإسلامه بنو عبد الأشهل، وهي أول دار أسلمت من الأنصار. وشهد بدرا وأحدا وثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ، ورمي يوم الخندق. ثم انفجر كلمه بعد ذلك فمات في شوال سنة خمس من الهجرة وهو ابن سبع وثلاثين سنة، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن بالبقيع وله من الولد: عبد الله وعمرو.
عن عائشة قالت: خرجت يوم الخندق أقفو أثر الناس فسمعت وئيد الأرض من ورائي فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنه قالت: فجلست إلى الأرض.
قالت: فمر سعد وهو يرتجز:
لبث قليلا يدرك الهيجا حـمـل ما أحسن الموت إذا جاء الأجل على أطراف سعد، وكان سعد من أطول الناس وأعظمهم. قالت: فقمت فاقتحمت حديقة فإذا فيها نفر من المسلمين وفيهم عمر بن الخطاب وفيهم رجل عليه تسبغة له، تعني المغفر، قالت: فقال لي عمر: ما جاء بك? والله إنك لجريئة، وما يؤمنك أن يكون تحوز أو بلاء? قالت: فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت ساعتئذ فدخلت فيها.
قالت: فرفع الرجل التسبغة عن وجهه فإذا طلحة بن عبيد الله قالت: فقال: ويحك يا عمر إنك قد أكثرت منذ اليوم، وأين التحوز والفرار إلا إلى الله.
قالت: ويرمي سعدا رجل من المشركين يقال له ابن العرقة بسهم، فقال: خذها وأنا ابن العرقة فأصاب أكحله. فدعا الله سعد فقال: اللهم لا تمتني حتى تشفيني من قريظة وكانوا مواليه وحلفاءه في الجاهلية.
قال: فرقأ كلمه، وبعث الله الريح على المشركين، وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قويا عزيزا .
فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة، ولحق عيبنة ومن معه بنجد ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأمر بقبة من أدم فضربت على سعد بن معاذ في المسجد. قال: فجاءه جبريل وعلى ثناياه النقع فقال: أوقد وضعتم السلاح? فوالله ما وضعت الملائكة السلاح بعد، أخرج إلى بني قريظة فقاتلهم. قالت: فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وأذن في الناس بالرحيل.
قالت: فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء عليهم قيل لهم: أنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر فأشار إليهم أنه الذبح فقالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ فحمل على حمالو على آكاف من ليف، فحف به قومه فجعلوا يقولون: يا أبا عمرو، حلفاؤك ومواليك ومن قد علمت. ولا يرجع إليهم شيئا حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه فقال: قد آن لي أن لا أبالي في الله لومة لائم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:أحكم فيهم قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم، وتقسم أموالهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد حكمت فيهم بحكم الله وبحكم رسوله.
قالت: ثم دعا الله عز وجل سعد فقال: اللهم إن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئا فأبقني لها، وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك. قالت: فانفجر كلمه وقد كان برأ قالت: فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر، فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي، قال: فقلت: فكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع? قالت: كانت عينه لا تدمع على أحد ولكنه كان إذا وجد فانما هو آخذ بلحيته.
وعن الحسن قال: لما مات سعد بن معاذ وكان رجلا جسيما جزلا. جعل المنافقون وهم يمشون خلف سريره يقولون: لم نر كاليوم رجلا أخف. قالوا: أتدرون لم ذلك? لحكمه في بني قريظة فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: والذي نفسي بيده لقد كانت الملائكة تحمل سريره .
عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ )أخرجاه في الصحيحين(.
وعن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بثوب حرير، فجعلوا يتعجبون من حسنه ولينه. فقال: لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أفضل - أو خير - من هذا )أخرجاه في الصحيحين(.