عبدالله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس
يكنى أبا محمد. أحد النقباء الأثني عشر. شهد العقبة مع السبعين، وبدرا، وأحدا، والخندق، والحديبية، وخيبر وعمرة القضية. واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوة بدر الموعد، وبعثه سرية في ثلاثين إلى أسير بن رزام اليهودي بخيبر فقتله، وأرسله إلى خيبر خارصا فلم يزل يخرص عليهم إلى أن قتل بمؤته.
وعن أبي الدرداء قال: لقد رأيتنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في اليوم الحار الشديد الحر، حتى إن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما في القوم صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله ابن رواحه - أخرجاه في الصحيحين.
وعن قيس، عن عبد الله بن رواحة: أنه بكى فبكت امرأته فقال: ما يبكيك? قالت: رأيتك بكيت فبكيت لبكائك. قال: إني أنبئت أني وارد ولم أنبأ أني صادر )رواه الإمام أحمد(.
وعن النعمان بن بشير قال: أغمي على عبد الله بن رواحة، فجعلت أخته تبكي عليه وتقول: واجبلاه، واكذا، واكذا. وتعدد عليه. فقال ابن رواحة لما أفاق: ما قلت شيئا وقد قيل لي: أنت كذا.
وعن عروة بن الزبير قال: لما تجهز الناس وتهيئوا للخروج إلى مؤتة قال المسلمون: صبحكم الله ودفع عنكمز فقال عبد الله ابن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغـفـرة وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجـهـزة بحربة تنفذ الأحشاء والكـبـدا
حتى يقولوا إذا مروا على جدثي أرشدك ربك من غاز وقد رشدا قال: ثم مضوا حتى نزلوا أرض الشام. فبلغهم أن هرقل قد نزل من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم وانضمت إليه المستعربة من لخم وجذام وبلقين وبهراء وبلي، في مائة ألف. فأقاموا ليلتين ينظرون في أمرهم، وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدونا. قال: فشجع عبد الله بن رواحة الناس ثم قال: والله يا قوم إن الذي تكرهون: الذي خرجتم له تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدة ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا لهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور وإما شهادة. فقال الناس: صدق والله ابن رواحة. فمضى الناس.
وعن الحكم بن عبد السلام بن نعمان بن بشير الأنصاري: أن جعفر بن أبي طالب حين قتل دعا الناس: يا عبد الله بن رواحة، يا عبد الله بن رواحة. وهو في جانب العسكر ومعه ضلع جمل ينهشه ولم يكن ذاق طعاما قبل ذلك بثلاث. فرمى الضلع ثم قال: وأنت مع الدنيا. ثم تقدم فقاتل فأصيبت إصبعه فارتجز فجعل يقول:
هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
يا نفس إلا تقتلي تـمـوتـي هذا حياض الموت قد صليت
وما تمنـيت فـقـد لـقـيت إن تفعلي فعلهمـا هـديت
وإن تأخرت فقد شـقـيت ثم قال: يا نفس إلى أي شيء تتوقين? إلى فلانة? هي طالق ثلاثا. وغلى فلان وإلى فلان? غلمان له، وإلى معجف، حائط له، لهو لله ولرسوله.
يانفس مالك تكرهين الجنـه أقسم بالله لـتـنـزلـنـه
طائعة أولا لتـكـرهـنـه فطال ما قد كنت مطمئنـه
هل أنت إلا نطفة في شنـه قد أجلب الناس وشدو الرنه
أبو دجانة سماك بن خرشة
ابن لوذان. شهد بدرا وأحدا وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وبايعه على الموت، وقتل يوم اليمامة.
عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفا يوم أحد فقال: من يأخذ هذا السيف? فأخذه قوم فجعلوا ينظرون إليه. فقال: من يأخذه بحقه? فأحجم القوم. فقال أبو دجانة سماك: أنا آخذه بحقه. فأخذه ففلق هام المشكرين )رواه الإمام أحمد(.
وعن زيد بن أسلم قال: دخل على أبي دجانة وهو مريض، وكان وجهه يتهلل. فقيل: ما لوجهك يتهلل? فقال: ما من عملي شيء أوثق عندي من اثنتين: أما إحداهما فكنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وأما الأخرى: فكان قلبي للمسلمين سليما.