my love
مؤسس أكاديمية الحب ALI ATHAB
عدد المساهمات : 4583 المدينة : طيبة الطيبة تاريخ التسجيل : 25/04/2009
| موضوع: إفشاء السر الخميس فبراير 11, 2010 4:47 am | |
|
إفشاء السر الإِفْشَاءُ لُغَةً: مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: أَفْشَيْتُ كَذَا أُفْشِيهِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ (ف ش و) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الظُهُورِ، يَقُولُ ابْنُ فَارِسٍ: الفَاءُ وَالشِّينُ وَالْحَرْفُ المُعْتَلُّ كَلِمَةٌ(1) وَاحِدَةٌ وَهِيَ (تَعْنِي) ظُهُورَ الشَّيْءِ، يُقَالُ: فَشَا الشَّيْءُ: ظَهَرَ(2)، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ: فَشَا الشَّيْءُ يَفْشُو فُشُوًّا أَيْ ذَاعَ، وَأَفْشَاهُ غَيْرُهُ (أَذَاعَهُ وَنَشَرَهُ)، وَتَفَشَّى الشَّيْءُ، اتَّسَعَ(3)، وَقَالَ الفَيْرُوزَابَادِيُّ: يُقَالُ: فَشَا خَبَرُهُ وَعُرْفُهُ وَفَضْلُهُ فَشْوًا وَفُشُوًّا وَفُشِيًّا أَيِ انْتَشَرَ، وَتَفَشَّاهُمُ المَرَضُ، وَتَفَشَّى بِهِمْ: كَثُرَ فِيهِمْ، وَفَشَتِ القَرْحَةُ: اتَّسَعَتْ(4)، وَبِهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الفَيْرُوزَآبَادِيُّ يَتَّضِحُ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ مَنْظُورٍ: أَنَّ الفُشُوَّ بِمَعْنَى الظُّهُورِ عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَنَّ مِنْهُ [إِفْشَاءُ السِّرِّ](5). إفشاء السِّرِّ اصطلاحًا: وَقَالَ السَّفَّارِينيُّ: إِفْشَاءُ السِّرِّ نَشْرُهُ وَإِذَاعَتُهُ (بَيْنَ النَّاسِ)، وَالسِّرُّ هُوَ مَا يُكْتَمُ فِي النَّفْسِ كَالسَّرِيرَةِ(6)، وَقَالَ الكَفَوِيُّ: إِفْشَاءُ السِّرِّ يَكُونُ بِالكِتَابَةِ والإِشَارَةِ والكَلاَمِ(7). حُكْمُ إِفْشَاءُ السِّرِّ: __________ (1) تعني عبارة ابن فارس انه لا يستعمل من هذه المادة سوى فشى وما اشتق منها، ولهذا معنى واحد هو الظهور. (2) مقاييس اللغة (4/4). (3) الصحاح (6/5). (4) القاموس المحيط (فشا) (3) (ط.بيروت). (5) انظر لسان العرب (فشا) (8) (ط. دار المعارف). (6) بتصرف عن غذاء الالباب، شرح منظومة الآداب (1/5). (7) الكليات للكفوي (4).
(1/1)
قَالَ السَّفَّارِينِيُّ: يَحْرُمُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ إِفْشَاءُ السِّرِّ، قَالَ: وَلَعَلَّهُ يَحْرُمُ حَيْثُ أُمِرَ بِكَتْمِهِ، أَوْ دَلَّتُهُ قَرِينَةٌ عَلَى (ضَرُورَةِ) كِتْمَانِهِ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُكْتَمُ عَادَةً، وَقِيلَ: الَّذِي يَحْرُمُ هُوَ إِفْشَاءُ السِّرِّ المُضِرِّ (كَمَا فِي الرِّعَايَةِ)(1). حُكْمُ إفْشَاءِ السِّرِّ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهِ : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الإِفْشَاءَ بَعْدَ المَوْتِ يَنْقَسِمُ إِلَى: 1مَا يَحْرُمُ إِذَا كَانَ فِيهِ غَضَاضَةٌ عَلَى صَاحِبِهِ. 2ما يُكْرَهُ مُطْلَقًا. 3مَا يُبَاحُ 4مَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ - وَإِنْ كَرِهَهُ صَاحِبُ السِّرِّ كَأَنْ يَكُونَ فِيهِ تَزْكِيةٌ أَوْ مَنْقَبَةٌ أَوْ نَحَوُ ذَلِكَ(2). هَلْ يَجُوزُ إِفْشَاءُ السِّرِّ لِلْمَصْلَحَةِ ؟: __________ (1) غذاء الألباب (1/6). (2) السابق، الصفحة نفسها، ولم يذكر ابن حجر متى يباح ومتى يكره، ويبدو أن ذلك يتوقف على مدى النفع أو الضرر الذي يترتب على الإفشاء.
(1/2)
قَالَ العِزُّ بْنُ عَبْدِالسَّلاَمِ: السَّتْرُ عَلَى النَّاسِ شِيمَةُ الأَوْلِيَاءِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلاَمِهِ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ الإِفْشَاءُ إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ، أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ، واسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ القُرآنُ الكَرِيمُ مِنْ إِفْشَاءِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَم بِسِرِّ الَّتِي رَاوَدَتْهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَسِرِّ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، قَالَ العِزُّ: وَإِنَّمَا قَالَ يُوسُفُ عَلَيهِ السَّلاَمُ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَا تَعَرَّضَ لَهُ - أَوْ مَا يُمْكِنُ أَن يَتَعَرَّضَ لَهُ - مِنَ قَتْلٍ أَوْ عُقُوبَةٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، لِيَدْفَعَ التُّهْمَةَ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّ المَلِكَ لَوِ اتَّهَمَهُ لَمْ يُوَلِّهْ، وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى إِحْسَانِ الوِلاَيَةِ(1). الدافع إلى إفشاء السر ودَلاَلَتُهُ: إِذَاعَةُ السِّرِّ مِنْ قِلَّةِ الصَّبْرِ وَضِيقِ الصَّدْرِ، وَلاَ يُوصَفُ بِهِ إِلاَّ ضَعَفَةُ الرِّجَالِ والصِّبْيَانِ والنِسَاءِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي ذَلِكَ: إِذَا المَرْءُ أَفْشَى سِرَّهُ بِلِسَانِهِ……وَلاَمَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ فَهُوَ أَحْمَقُ إِذَا ضَاقَ صَدْرُ المَرْءِ عَنْ سِرِّ نَفْسِهِ…فَصَدْرُ الَّذِي يُسْتَوْدَعُ السِّرَّ أَضْيَقُ الثَّانِيَةُ: الغَفْلَةُ عَنْ تَحَذُّرِ العُقَلاَءِ، والسَّهْوُ عَنْ يَقَظَةِ الأَذْكِياءِ، وَقَالَ بَعْضُ الحُكَمَاءِ: انْفَرِدْ بِسِرِّكَ وَلاَ تُودِعْهُ حَازِمًا فَيَزِلُّ وَلاَ جَاهِلاً فَيَخُونُ. __________ (1) شجرة المعارف والأحوال للمعز بن عبدالسلام (90) (بتصرف).
(1/3)
الثَّالِثَةُ: مَا ارْتَكَبَهُ مِنَ الغَرَرِ، واسْتَعْمَلَهُ مِنَ الخَطَرِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الحُكَمَاءِ: سِرُّكَ مِنْ دَمِكَ فَإِذَا تَكَلَّمْتَ بِهِ فَقَدْ أَرَقْتَهُ(1). الآيات الواردة في النهي عن "إفشاء السر" معنًى {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا(105)وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا(106)وَلاَ تُجَادِلْ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا(107)}(2) {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(27)}(3) {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ(38)}(4) {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ(3)إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ(4)}(5) الأحاديث الواردة في ذَمِّ "إفشاء السر" __________ (1) أدب الدنيا والدين للماوردي (56). (2) النساء : 105 – 107 مدنية (3) الأنفال : 27 مدنية (4) الحج : 38 مدنية (5) التحريم : 3 – 4 مدنية
(1/4)
1- * ( عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ J وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا ثُمَّ دَعَانِي فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ لَهُ، فَجِئْتُ وَقَدْ أَبْطأْتُ عَنْ أُمِّي، فَقَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ أَيْنَ كُنْتَ؟ فَقُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ J إِلَى حَاجَةٍ فَقَالَتْ أَيْ بُنَيَّ وَمَا هِيَ؟ فَقُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ، قَالَتْ: لاَ تُحَدِّثْ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ J أَحَدًا، ثُمَّ قَالَ: ياثَابِتُ لَوْ كُنْتُ حَدَّثْتُ بِهِ أَحَدًا لَحَدَّثْتُكَ ياثَابِتُ)*(1). 2- * ( عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ (يَقُولُ): أَسَرَّ إِلَيَّ النَّبِيُّ J سِرًّا فَمَا أَخْبَرْتُ بِهِ أَحَدًا بَعْدَهُ(2)، وَلَقَدْ سَأَلَتْنِي أُمُّ سُلَيْمٍ فَمَا أَخْبَرْتُهَا بِهِ)*(3). __________ (1) أحمد - المسند 3(3)، وأصل الحديث في الصحيحين. انظر الفتح (1/85) ومسلم (2310).… (2) قال ابن حجر: قال بعض العلماء: كأن هذا السر كان يختص بنساء النبي J، وإلا فلو كان من العلم ما وسع أنسا كتمانه - فتح الباري 1(5). (3) البخاري - الفتح 1(9).
(1/5)
3 - * ( عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ J فِي غَزَاةٍ، وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ(1)، قَالَ: فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا(2)، فَنَقِبَتْ قَدَمَايَ، وَسَقَطَتْ أَظْفَارِي، فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الخِرَقَ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ(3)، لِمَا كُنَّا نُعَصِّبُ عَلَى أَرْجُلِنَا مِنَ الخِرَقِ، قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا الحَدِيثِ، ثُمَّ كَرِهَ ذَلِكَ قَالَ: كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا(4) مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ بِهِ)*(5). 4 - * ( عَنْ يَحْيَى بْنِ الجَزَّارِ قَالَ: دَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ J عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالُوا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ حَدِّثِينَا عَنْ سِرِّ رَسُولِ اللهِ J، قَالَتْ: كَانَ سِرُّهُ وَعَلانِيتُهُ سَوَاءٌ، ثُمَّ نَدِمْتُ فَقُلْتُ: أَفْشَيْتُ سِرَّ رَسُولِ اللهِ J قَالَتْ فَلَمَّا دَخَلَ أَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: [أَحْسَنْتِ])*(6). __________ (1) نعتقبه أي نتعاقب عليه في الركوب بحيث يركب كل واحد نوبة ثم ينزل فيركب الآخر وهكذا. (2) نقبت أي تقرحت من الحفاء وكثرة المشي. (3) ما ذكر هنا الصحيح في سبب التسمية، وهناك آراء أخرى منها: أنها سميت بذلك باسم جبل هناك، وقيل باسم شجرة، وقيل لأنه كانت ألويتهم رقاع، ويحتمل انها سميت بمجموع ذلك، انظر هامش 3في صحيح مسلم (9). (4) في رواية البخاري شيء بالرفع على انه فاعل تكون التامة. (5) البخاري - الفتح 7(8)، ومسلم (6)، واللفظ له. (6) أحمد - المسند 6/9)، وقال الهيثمي في المجمع (8/284): رواه أحمد والطبراني وقال عن يحيى عن أم سلمة ورجالهما رجال الصحيح.
(1/6)
5 - * ( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ- رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَمَانَةِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ: الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا، وَفِي رِوَايةٍ: مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ])*(1). الأحاديث الواردة في ذَمِّ "إفشاء السر" معنًى 6 - * ( عَنْ جَابِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ J، قَالَ:[إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ])(2). من الآثار وأقوال العلماء الواردة في ذَمِّ "إفشاء السر" 1- * ( يُروَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَسَرَّ إِلَى الوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ حَدِيثَهُ فَقَالَ عُتْبَةُ لأَبِيهِ: يَا أَبَتِ إِنَّ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ أَسَرَّ إِليَّ حَدِيثًا، وَمَا أَرَاهُ يَطْوِي عَنْكَ مَا بَسَطَهُ إِلَى غَيْرِكَ، قَالَ: فَلاَ تُحَدِّثْنِي بِهِ، فَإِنَّ مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَ الخِيَارُ إِلَيْهِ، وَمَنْ أَفْشَاهُ كَانَ الخِيَارُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: يا أَبَتِ، وَإِنَّ هَذَا لَيَدْخُلُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَابْنِهِ؟ فَقَالَ: لاَ واللهِ يَا بُنَيَّ وَلَكِنْ أُحِبُّ أَلاَّ تُذَلِّلَ لِسَانَكَ بِأَحَادِيثِ السِّرِّ، قَالَ: فَأَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: يَا وَلِيدٌ أَعْتَقَكَ أَبُوكَ مِنَ رِقِّ الخَطَإِ فَإِفْشَاءُ السِّرِّ خِيَانَةٌ])*(3). __________ (1) مسلم (7) واللفظ له، وأبو داود 4(0). (2) أبو داود (8) واللفظ له، والترمذي (9) وقال: حديث حسن، وأحمد في المسند (3/4). والبيهقي في السنن الكبرى (0/7)، ومجمع الزوائد (8/8) والصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا (9) حديث رقم (4)، وقال محققه: حديث حسن، والألباني في صحيح الجامع، حديث رقم (6) وحسنه. (3) إحياء علوم الدين 3/2.
(1/7)
2- * ( قَالَ الحَسَنُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِنَّ مِنَ الخِيَانَةَ أَنْ تُحَدِّثَ بِسِرِّ أَخِيكَ)*(1). 3- عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ -رَضِيَ اللهَ عَنْهُ - قَالَ: عَجِبْتُ مِنَ الرَّجُلِ يَفِرُّ مِنَ القَدَرِ وَهُوَ مُوَاقِعُهُ، وَيَرَى القَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيهِ وَيَدَعُ الجِذْعَ(2) فِي عَيْنَيْهِ، وَيُخْرِجُ الضِّغْنَ(3) مِنْ نَفْسِ أَخِيهِ، وَيدَعُ الضِّغَنَ فِي نَفْسِهِ، وَمَا وَضَعْتُ سِرِّي عِنْدَ أَحَدٍ فَلُمْتُهُ عَلَى إِفْشَائِهِ، وَكَيْفَ أَلُومُهُ وَقَدْ ضِقْتُ بِهِ ذَرْعًا])*(4). 4- قَالَ العَبَّاسُ لابْنِهِ عَبْدُاللهِ: إِنِّي أَرَى هَذَا الرَّجُلَ -يَعْنِي عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِين - يُقَدِّمُكَ عَلَى الأَشْيَاخِ فَاحْفَظْ عَنِّي خَمْسًا: لاَتُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا، وَلاَتَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا، وَلاَ تُجْرِيَنَّ عَلَيْهِ كَذِبًا، وَلاَ تَعْصِيَنَّ لَهُ أَمْرًا، وَلاَ يَطَّلِعَنَّ مِنْكَ عَلَى خِيَانَةٍ، قَالَ الشَّعْبِيُّ، كُلُّ كَلِمَةٍ مِنْ هَذِهِ الخَمْسِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ)*(5). 5 - * ( قَالَ الثَوْرِيُّ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُؤَاخِيَ رَجُلاً فَأَغْضِبْهُ، ثُمَّ دُسَّ عَلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْكَ وَعَنْ أَسْرَارِكَ، فَإِنْ قَالَ خَيْرًا وَكَتَمَ سِرَّكَ فَاصْحَبْهُ)*(6). __________ (1) السابق، الصفحة نفسها. (2) يدع الجذع في عينه، الجذع ساق النخلة والمراد أنه يرى عيبه صغيرًا أو عيب غيره كبيرًا. (3) الضغن بكسر الضاد، الحقد كالضغينة. (4) فضل الله الصمد 2(4) (باب إفشاء السر) (6). (5) إحياء علوم الدين للغزالي 2/5. (6) السابق، الصفحة نفسها، وعلاقة هذا بالإفشاء أن من ذكر الشر وأفشى السر ينبغي ألا يصاحب أو يتخذ صديقًا.
(1/8)
6 - * ( قَالَ أَبُو المُعْتَمِرِ البَصْرِيِّ: تَعَلَّمْتُ الصَّمْتَ فِي عَشْرِ سِنِينَ، وَمَا قُلْتُ شَيْئًا قَطُّ إِذَا غَضِبْتُ، أَنْدَمُ عَلَيْهِ وَإِذَا زَالَ غَضَبِي)*(1). 7 - * ( وَقَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لاَ تَسْتَقِيمُ أَمَانَةُ رَجُلٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ، وَلاَ يَسْتَقِيمُ لِسَانُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ)*(2). 8 - * ( قَالَ السَّفَارِينِيُّ: قَالَ الحُكَمَاءُ: ثَلاَثَةٌ لاَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْهَا، شُرْبُ السُّمِّ لِلتَّجْرِبَةِ، وَإِفْشَاءُ السِّرِّ إِلَى القَرَابَةِ والحَاسِدِ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً، وَرُكُوبُ البَحْرِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غِنًى)*(3). 9 - * ( وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: إِذَا ضَاقَ صَدْرُكَ عَنْ حَدِيثٍ……فَأَفْشَتْهُ الرِّجَالُ فَمَنْ تَلُومُ؟ إِذَا عَاتَبْتُ مَنْ أَفْشَى حَدِيثِي……وَسِرِّي عِنْدَهُ فأَنَا الظَّلُومُ فَإِنِّي حِينَ أَسْأَمُ حَمْلَ سِرِّي……وَقَدْ ضَمَّنْتُهُ صَدْرِي مَشُومُ وَلَسْتُ مُحَدِّثًا سِرِّي خَلِيلِي…… وَلاَ عُرْسِي إِذَا خَطَرَتْ هُمُومُ وَأَطْوي السِّرَّ دُونَ النَّاسِ إِنّي…… لِمَا اسْتُودِعْتُ مِنْ سِرٍّ كَتُومُ)*(4). من مضار "إفشاء السر" (1) إِفْشَاءُ السِّرِّ دَلِيلُ الغَفْلَةِ عَنْ تَفَطُّنِ العُقَلاَءِ والسَّهْوِ عَنْ يَقَظَةِ الأَذْكِيَاءِ (كَمَا قَالَ المَاوَرْدِيُّ). (2) إِفْشَاءُ السِّرِّ خِيَانَةٌ لِلأَمَانَةِ وَنَقْضٌ لِلْعَهْدِ. (4) إِفْشَاءُ السِّرِّ دَلِيلٌ عَلَى لُؤْمِ الطَّبْعِ وَفَسادِ المُرُوءَةِ. (5) إِفْشَاءُ السِّرِّ دَلِيلٌ عَلَى قِلَّةِ الصَّبْرِ وضِيقِ الصَّدْرِ. __________ (1) نزهة الفضلاء 1/7. (2) الآداب الشرعية لابن مفلح 1/0. (3) غذاء الألباب 1/7. (4) غذاء الألباب 1/7.
(1/9)
(6) إِفْشَاءُ الأَسْرَارِ إِخْلاَلٌ بِالمُرُوءَةِ وَإِفْسَادٌ لِلصَّدَاقَةِ، وَمَدْعاةٌ للتَّنَافُرِ. (7) إِفْشَاءُ الرَّجُلِ سِرَّ امْرأَتِهِ، وَإِفْشَاءُ المَرْأَةِ سِرَّ زَوْجِهَا يَجْعَلُ كُلاً مِنْهُمَا بِمَثَابَةِ الشَّيْطَانِ وَيُخِلُّ بِفَضِيلَةِ الحَيَاءِ. (8) إِفْشَاءُ السِّرِّ يُفْقِدُ الثِّقَةَ بَيْنَ مَنْ أَفْشَيْتَ لَهُ بِالسِّرِّ وَالمُفْشِي، لأَِنَّ المُفْضَى إِلَيْهِ بِالسِّرِّ سَيَعْلَمُ أَنَّ مَنْ أَفْشَى لَهُ سَيُفْشِي عَلَيْهِ لأَنَّ مَنْ نَمَّ لَكَ نَمَّ عَلَيْكَ وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الحَالَتَيْنِ. (9) فِي إِذَاعَةِ السِّرِّ مَا يَجْلِبُ العَارَ وَالفَضِيحَةَ لِلْمُفْشِي عِنْدَمَا يَعْرِفُ بِذَلِكَ مَنِ اسْتَوْدَعَهُ هَذَا السِّرَّ. (10) إِفْشَاءُ السِّرِّ - خَاصَّةً مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ - يُعَرِّضُ صَاحِبَهُ لِعَذَابِ اللهِ (انظر الحديث رقم3). (11) مُفْشِي السِّرَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ (انظر الحديث رقم0).
(1/10)
| |
|
نبع موقوف
عدد المساهمات : 3862 تاريخ التسجيل : 27/05/2009
| موضوع: رد: إفشاء السر الخميس فبراير 11, 2010 7:15 am | |
| ربي يجزاك كل خير تقبل ودي | |
|