الطفيل بن عمرو بن طريف الدوسي
رضي الله عنه عن عبد الوأحد بن أبي عون قال كان طفيل الدوسي رجلا شريفا شاعرا كثير الضيافة فقدم مكة فلقيه رجال من قريش فقالوا انك قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي بين اظهرنا قد اعضل بنا وفرق جماعتنا وشتت امرنا وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وبين ابنه وبين الرجل وبين زوجته وانا نخشى عليك وعلى قومك مثل مادخل علينا فلا تسمع منه.
قال فوالله ما زالوا بين حتى اجمعت إلا اسمع منه شيئا ولا اكلمه فغدوت إلى المسجد وقد حشوت اذني قطنا فكان يقال لي ذو القطنتين فإذا رسول الله. صلى الله عليه وسلم قائم يصلي فقمت قريبا منه فسمعت ببعض قوله فقلت في نفسي واثكل امي والله اني لرجل لبيب شاعر ما يخفي علي الحسن من القبيح فما يمنعني ان اسمع من هذا فان كان حسنا قبلته وان كان قبيحا تركته.
فمكثت حتى انصرف إلى بيته فدخل فدخلت معه فقلت ان قومك قالوا لي كذا وكذا فاعرض امرك علي فعرض علي الإسلام وتلا علي القرآن فقلت لا والله ما سمعت قولا قط احسن من هذا وبا امرا اعدل منه فأسلمت وقلت يا نبي الله اني امرؤ مطاع في قومي واني راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام فادع الله ان يكون لي عونا عليهم فقال اللهم اجعل له آية .
فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر وقع نور بين عيني مثل المصباح فقلت اللهم في غير وجهي فاني اخشى ان يظنوا انها مثلة وقعت في وجهي لفراق دينهم فتحول النور فوقع في رأس سوطي فجعل الحاضر يتراءون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق فاتاني أبي فقلت اليك عني فانك لست مني ولست منك قال ولم يا بني قلت اني أسلمت واتبعت محمد قال يا بني ديني دينك فقلت فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك ففعل ثم جاء فعرضت عليه الإسلام ثم اتتني صاحبتي فقلت اليك عني فلست منك ولست مني قالت ولم بابي أنت قلت فرق بين وبينك الإسلام اني أسلمت وتابعت دين محمد قالت فديني دينك فأسلمت.
ثم دعوت دوسا إلى الإسلام فابطؤوا علي ثم جئت رسول الله. صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فقلت قد غلبتني دوس فادع الله عليهم فقال اللهم اهد دوسا وقال لي أخرج إلى قومكفادعهم وارفق بهم فخرجت ادعوهم حتى هاجر النبي. صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومضت بدر واحد والخندق ثم قدمت بمن أسلم ورسول الله. صلى الله عليه وسلم بخيبر حتى نزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا مندوس ولحقنا رسلو الله. صلى الله عليه وسلم بخيبر فاسهم لنا مع المسلمين وقلنا يا رسول الله اجعلنا في ميمنتك واجعل شعارنا مبرورا ففعل.
فلم ازل مع النبي. صلى الله عليه وسلم حتى فتح مكة فقلت ابعثني يا رسول الله إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة احرقه فبعثه إليه فحرقه فلما احرقه بان لمن تمسك به أنه ليس على شيء فأسلموا جميعا ورجع الطفيل فكان مع النبي. صلى الله عليه وسلم حتى مات.
فلما ارتدت العرب خرج مع المسلمين فجاهد ثم خرج إلى اليمامة ومعه ابنه عمرو فقتل الطفيل باليمامة وجرح ابنه عمرو وقطعت يده ثم استبل وصحت يده.
فبينا هو عند عمر بن الخطاب إذ اتي بطعام فتنحى عنه فقال عمر ما لك لعلك تنحيت لمكان يدك قال اجل قال والله لا اذوقه حتى تسوطه فوالله ما في القوم أحد بعضه في الجنة غيرك.
ثم خرج عام اليرموك في خلافة عمر مع المسلمين فقتل شهيدا.