بعد ثلاثة أيام من عرضه قررت قناتا المنار التابعة لحزب الله اللبنانى، وNBN التابعة لحركة أمل اللبنانية، وقف عرض المسلسل الإيرانى السيد المسيح، بعد الجدل الكبير الذى أثاره على الساحة اللبنانية.
واعتبر المسيحيون اللبنانيون أن المسلسل احتوى العديد من الأخطاء التى تمس صلب العقيدة المسيحية، إلى جانب بعض الأخطاء التاريخية والشخصية، خاصة فى أسماء تلاميذ السيد المسيح.
وقال راعى أبرشية جبيل للموارنة المطران بشارة الراعى، إن المسلسل يعتمد على إنجيل برنابا وهو إنجيل لا تعتمده الكنيسة ولا تعترف به. لافتا إلى أن "كل الأحداث الواردة فى هذا المسلسل فيها تحريف بالمعتقد المسيحى، وهو ينكر صلب المسيح ويضع مكانه يهوذا"، مشيراً إلى أن المسلسل يوضح ألا قيامة للمسيح، والكنيسة تعتبر أن هذا الأمر هو أكبر إهانة للسيد المسيح ولكنيسته، وهو مسلسل يقوض كل أسس الدين ومعناه ويخلق فتنة".
وبعد سلسلة من الاتصالات السياسية شارك فيها رئيس الجمهورية وزير الداخلية وقيادات سياسية ودينية رفيعة تم التوافق على منع عرض المسلسل الإيرانى الذى اعتبر أنه يهدد العيش المشترك فى بلد لا يزال يعانى من طائفية ليست خافية حتى فى القرارات السياسية.
أما نادر طالب زادة مخرج المسلسل الإيرانى فقد سبق له إخراج فيلم بعنوان "عيسى روح الله"، وهو القصة نفسها التى تحولت إلى مسلسل عرضته القناتان بأن "الفيلم رد إسلامى على فيلم آلام المسيح للمخرج ميل جيبسون" ويقول زادة: "فيلم جيبسون جيد.. من الناحية المهنية، لكن القصة خاطئة تمامًا.. فهى لم تكن كما عالجها".
وإظهارًا لمذهبه الشيعى لم ينسَ المخرج فى حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية أن يربط بين السيد المسيح والإمام المهدى كأبرز شخصية لدى الشيعة، قائلاً: "إنه اختفى منذ 12 قرنًا، وإن عودته إلى الأرض مذهب عقائدى رئيسى فى فترة رئاسة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد".
وقال عن المسلسل: "إنه سينصبّ على إظهار العلاقة بين المسيح عيسى والمهدى المنتظر الذى تعمل حكومة نجاد على الإسراع بعودته"، مضيفًا: "نحن المسلمون نصلى وندعو من أجل المهدى المنتظر والمسيح عيسى، ومن ثَم تكون النهاية".
ورغم أن وقف عرض المسلسل أدى فعليا إلى احتواء أكبر أزمة كان من شأنها تهديد وحدة لبنان وحالة الاتعايش الهشة فيه فإن اختيار عرضه فى قناتين تابعتين لحزب الله وحركة أمل الشيعيتين، ووفقا لما قاله مخرجه عن توظيف المسلسل دينيا فى الربط بين السيد المسيح وعودة المهدى المنتظر.. يضع علامات استفهام عديدة حول خيارات حزب الله وحركة أمل فى لبنان.. وهل الانتماء للمذهب أهم من سلامة الوطن ووحدة أراضيه؟
الأهم أيضا أننا أمام محاولة لتوظيف الفن سياسيا ودينيا بما يخدم أجندات سياسية تخدم الآخرين، وتؤدى فى النهاية إلى إثارة الفتنة داخل المجتمعات العربية، وللأسف فإن من بيننا من يتحمسون لهذه الفتنة سواء عن علم أو جهل.