إن المعافي غير مخدوع
يضرب لمن يخدع فلا ينخدع. والمعنى أن من عوفي مما خدع به لم يضره ما كان خودع به. واصل المثل أن رجلاً من بني سليم يسمى قادحاً كان في زمن أمير يكنى أبا مظعون وكان في ذلك الزمن رجل آخر من بني سليم أيضاً يقال له سليط وكان علق امرأة قادح فلم يزل بها حتى أجابته وواعدته فأتنى سليط قادحاً وقال إني علقت جارية لأبي مظعون وقد واعدتني فإذا دخلت عليه فاقعد معه في المجلس فإذا أراد القيام فاسبقه فإذا انتهيت إلى موضع كذا فاصفر حتى أعلم بمجيئكما فآخذ حذري ولك كل يوم دينار فخدعه بهذا وكان أبو مظعون آخر الناس قياماً من النادي ففعل قادح ذلك وكان سليط يختلف إلى امرأته، فجرى ذكر النساء يوماً فذكر أبو مظعون جواريه وعفافهن فقال قادح وهو يعرض بأبي مظعون ربما غر الواثق وخدع الوامق وكذب الناطق وملت العاتق ثم قال:
لا تنطقن بأمر لا تيقن ... ه يا عمرو إن المعافي غير مخدوع
وعمرو اسم أبي مظعون، فعلم عمرو إنه يعرض به فلما تفرق القوم وثب على قادح فخنقه وقال اصدقني فحدثه قادح بالحديث فعرف أبو مظعون أن سليطاً قد خدعه فأخذ عمرو بيد قادح ثم مر به على جواريه فإذا هن مقبلات على ما وكلن به لم يفقد منهن واحدة ثم انطلق آخذاً بيد قادح إلى منزله فوجد سليطاً قد افترش امرأته فقال له أبو مظعون إن المعافي غير مخدوع تهكماً بقادح فأخذ قادح السيف وشد على سليط فهرب فلم يدركه ومال إلى امرأته فقتلها