my love
مؤسس أكاديمية الحب ALI ATHAB
عدد المساهمات : 4583 المدينة : طيبة الطيبة تاريخ التسجيل : 25/04/2009
| موضوع: الاعتذار الثلاثاء أغسطس 03, 2010 2:26 pm | |
| الاعتذار الاعتذار لغة:الاعتذار مصدر اعتذر وهو مأخوذ من مادّة (ع ذ ر) الّتي تدلّ على معان كثيرة غير منقادة ومنها:العذر وهو روم الإنسان إصلاح ما أنكر عليه بكلام.يقال منه: عذرته أعذره عذرا من باب ضرب، والاسم:العذر (بالضم) والجمع: أعذار. ويقال: فلان قام قيام تعذير فيما استكفيته، إذا لم يبالغ وقصّر فيما اعتمد عليه فيه. وقد تضمّ الذّال بالإتباع فيقال «عذر» «1».ويقال: اعتذر فلان اعتذارا ومعذرة وعذرة من دينه فعذرته، وهو معذور. وتقول: اعتذر إليّ، طلب قبول معذرته، واعتذر عن فعله أظهر عذره، وأمّا قولك:اعتذرت منه فمعناه شكوته، وعذر الرّجل صار ذا عيب وفساد، ومثله أعذر، وأعذر فيه. أي بالغ في الأمر، ولهذا فإنّ معنى حديث «أعذر اللّه إلى من بلغ من العمر ستّين سنة» أي لم يبق فيه موضعا للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدّة ولم يعتذر. وأمّا عذّر الرّجل (بالتّضعيف) فمعناه أنّه اعتذر ولم يأت بشيء، ولم يثبت له عذر. وأعذر (بالألف) يعني ثبت له عذرهالآيات/ الأحاديث/ الآثاروجاءت الآية في التّوبة بالقراءتين على كلا المعنيين وهي قوله تعالى: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ (التوبة/ 90) فبالتّثقيل معناه أنّهم تكلّفوا العذر ولا عذر لهم، وبالتّخفيف: الّذين لهم عذر، وعلى هذا ورد الأثر عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- رحم اللّه المعذّرين ولعن اللّه المعذّرين، ويقال أعذر من أنذر أي بالغ في العذر، أي في كونه معذورا. ومن عذيري من فلان، وعذيرك من فلان. قال عمرو بن معد يكرب:أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مرادومعناه: هلمّ من يعذرك منه إن أوقعت به، وذلك لأنّه أهل للإيقاع به، فإن أوقعت به كنت معذورا.وقال بعضهم: أصل العذر من العذرة وهي الشّيء النّجس، ومنه سمّيت القلفة العذرة، فقيل عذرت الصّبيّ إذا طهّرته وأزلت عذرته، وكذا عذرت فلانا: أزلت نجاسة ذنبه بالعفو كقولك غفرت له أي سترت ذنبه «2».__________(1) الاتباع هنا الانسجام الصوتي بضم الذال تبعا لضمة العين(2) الصحاح (2/ 737- 740)، ولسان العرب (2854- 2856). والمصباح المنير (398- 399) والمقاييس (4/ 252)، وبصائر ذوي التمييز (4/ 36) والمفردات للراغب (328). واصطلاحا:قال الجرجانيّ: الاعتذار: محو أثر الذّنب «1».وقال الكفويّ: الاعتذار: إظهار ندم على ذنب تقرّ بأنّ لك فى إتيانه عذرا «2».وقال المناويّ: الاعتذار: تحرّي الإنسان ما يمحو أثر ذنبه».وقد سوّى بعض العلماء بين العذر والاعتذار في المعنى. فقال الرّاغب الأصفهانيّ: العذر تحرّي الإنسان ما يمحو به ذنوبه «4» وإلى مثل هذا ذهب الفيروزاباديّ في «البصائر» «5».وقد فرّق الجرجانيّ بين الأمرين فذكر أنّ الاعتذار هو (تحرّي) محو أثر الذّنب (كما سبق)، وأنّ العذر ما يتعذّر على المعنّى (فعله) على موجب الشّرع إلّا بتحمّل ضرر زائد «6».أساليب الاعتذار:قال الفيروزاباديّ- رحمه اللّه تعالى: الاعتذار على ثلاثة أضرب: أن يقول: لم أفعل، أو يقول:فعلت لأجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا، والثّالث أن يقول: فعلت ولا أعود، ونحو هذا.وهذا الثّالث هو التّوبة، وكلّ توبة عذر، وليس كل عذر توبة «7».[للاستزادة، انظر صفات: الألفة- حسن الخلق- حسن المعاملة- حسن العشرة- المحبة.وفي ضد ذلك، انظر صفات: الإساءة- سوء المعاملة الهجر- البغض- الكبر والعجب- الغرور].__________(1) التعريفات (29) ونعتقد أن هذا في قبول الاعتذار؛ لأن المحو من شأن المعتذر إليه لا المعتذر ولعلّ المراد تحرّي الإنسان محو أثر الذنب.(2) الكليات (308).(3) التوقيف على مهمات التعاريف (55).(4) المفردات (327).(5) انظر بصائر ذوي التمييز (4/ 35).(6) التعريفات (153) والعبارة في الأصل: ما يتعذر عليه المعنى على موجب الشرع وقد أضفنا ما بين القوسين لتوضيح العبارة، والمعنى هو المريض ونحوه.(7) بصائر ذوي التمييز (4/ 36) بتصرف، وراجع: المفردات في غريب القرآن (327) والكليات للكفوي (308).الآيات الواردة في «الاعتذار»1- وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (163)وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) «1»2- وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ (65)لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (66) «2»3- وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (90) «3»4-* إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (93)يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94) سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (95) «4»5- قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (76) «5»6- يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) «6»7- بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ(14)وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ(15) «7»8- وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (1)فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (2)وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (3)فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (4)فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (5)عُذْراً أَوْ نُذْراً (6) «8»9- هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (35)وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36) «9»__________(1) الأعراف: 163- 164 مكية(2) التوبة: 65- 66 مدنية(3) التوبة: 90 مدنية(4) التوبة: 93- 95 مدنية(5) الكهف: 76 مكية(6) غافر: 52 مكية(7) القيامة: 14- 15 مكية(8) المرسلات: 1- 6 مكية(9) المرسلات: 35- 36 مكيةالأحاديث الواردة في (الاعتذار)1-* (عن المغيرة بن شعبة- رضي اللّه عنه- قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسّيف غير مصفح «1» عنه فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال: «أتعجبون من غيرة سعد، فواللّه لأنا أغير منه، واللّه أغير منّي، من أجل غيرة «2» اللّه حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شخص أغير من اللّه، ولا شخص أحبّ إليه العذر من اللّه، من أجل ذلك بعث اللّه المرسلين مبشّرين ومنذرين، ولا شخص أحبّ إليه المدحة من اللّه، من أجل ذلك وعد اللّه الجنّة»)* «3».2-* (عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إيّاك وكلّ أمر يعتذر منه»)* «4».3-* (عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- أنّه قال: بعثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في سريّة، فلمّا لقينا العدوّ انهزمنا في أوّل عادية، فقدمنا المدينة في نفر ليلا، فاختفينا، ثمّ قلنا: لوخرجنا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واعتذرنا إليه، فخرجنا، فلمّا لقيناه قلنا: نحن الفرّارون يا رسول اللّه، قال: «بل أنتم العكّارون «5» وأنا فئتكم». قال أسود بن عامر: «وأنا فئة كلّ مسلم»)* «6».4-* (عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «التّأنّي من اللّه، والعجلة من الشّيطان، وما أحد أكثر معاذير من اللّه، وما من شيء أحبّ إلى اللّه من الحمد»)* «7».5-* (عن أمّ رومان وهي أمّ عائشة- رضي اللّه عنهما- لمّا قيل فيها ما قيل، قالت: بينما أنا مع عائشة جالستان إذ ولجت علينا امرأة من الأنصار وهي تقول: فعل اللّه بفلان وفعل. قالت: فقلت: لم؟قالت: إنّه نمى ذكر «8» الحديث، فقالت عائشة: أيّ__________(1) مصفح: هو بكسر الفاء أي غير ضارب بصفح السيف وهو جانبه بل أضربه بحده. وفى النهاية رواية كسر الفاء من مصفح وفتحها فمن فتح جعلها وصفا للسيف وحالا منه ومن كسر جعلها وصفا للضارب وحالا منه.(2) غيرة: الغيرة صفة كمال والرجل غيور على أهله أي يمنعهم من التعلق بأجنبي بنظر أو حديث أو غيره.(3) البخاري- الفتح 13 (7416)، ومسلم (1499) واللفظ له.(4) الحاكم. والألباني في صحيح الجامع (1/ 520/ 2671) وفي الصحيحة له (1/ 354) وقال: حسن وعزاه للمختارة ونقل قول المناوي عزوه للديلمي والحاكم والطبراني في الأوسط من حديث جماعة آخرين من الصحابة.(5) العكارون: الكرّارون إلى الحرب والعطافون نحوها. وقيل: العكّار هو الذي يولّى في الحروب ثم يكرّ راجعا (اللسان 4/ 599).(6) أحمد (2/ 70، 99، 100، 111). وقال أحمد شاكر (7/ 203)، (8/ 89، 153): صحيح.(7) الترغيب والترهيب وقال المنذري: رواه أبو يعلى ورواته رواة الصحيح (3/ 418). وقال الهيثمي في المجمع (8/ 19) رجاله رجال الصحيح واللفظ لهما.(8) نمى: نقل.حديث؟ فأخبرتها. قالت: فسمعه أبو بكر ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قالت: نعم. فخرّت مغشيّا عليها، فما أفاقت إلّا وعليها حمّى «1» بنافض فجاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: «ما لهذه؟» قلت: حمّى أخذتها من أجل حديث تحدّث به فقعدت فقالت: واللّه لئن حلفت لا تصدّقونني، ولئن اعتذرت لا تعذرونني، فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه، واللّه المستعان على ما تصفون. فانصرف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأنزل اللّه ما أنزل، فأخبرها فقالت: بحمد اللّه لا بحمد أحد»)* «2».الأحاديث الواردة في (الاعتذار) معنى6-* (عن أبي الدّرداء- رضي اللّه عنه- قال: كانت بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر عمر، فانصرف عنه مغضبا، فاتّبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتّى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال أبو الدّرداء:ونحن عنده- فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أمّا صاحبكم فقد غامر»، وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتّى سلّم وجلس إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقصّ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الخبر. قال أبو الدّرداء: وغضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وجعل أبو بكر يقول: واللّه يا رسول اللّه لأنا كنت أظلم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «هل أنتم تاركو لي صاحبي؟ هل أنتم تاركو لي صاحبي؟ إنّي قلت: يا أيّها النّاس إنّي رسول اللّه إليكم جميعا. فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت»)* «3».7-* (عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: كان رجل من الأنصار أسلم، ثمّ ارتدّ ولحق بالشّرك، ثمّ تندّم فأرسل إلى قومه: سلوا لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. هل لي من توبة؟ فجاء قومه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: إنّ فلانا قد ندم، وإنّه أمرنا أن نسألك هل له من توبة؟ فنزلت: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ إلى قوله: غَفُورٌ رَحِيمٌ فأرسل إليه، فأسلم)* «4».8-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا. فسأل عن أعلم أهل الأرض فدلّ على راهب فأتاه، فقال: إنّه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة؟ فقال:لا. فقتله فكمّل به مائة، ثمّ سأل عن أعلم أهل الأرض فدلّ على رجل عالم، فقال: إنّه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم. ومن يحول__________(1) حمّى بنافض: أي حمى برعدة.(2) البخاري- الفتح 6 (3388) وخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة بسياق طويل جدا. انظره بطوله في (الاستغفار).(3) البخاري- الفتح 8 (4640).(4) صحيح النسائي (3792) وقال مخرجه: صحيح الإسناد وهو في السنن (7/ 107) واللفظ له. وذكره ابن كثير في تفسيره (1/ 380) وقال: رواه ابن جرير ومثله النسائي. والحاكم وابن حبان، وقال أحمد شاكر في المسند: إسناده صحيح (4/ 47- 48) حديث رقم (2218).بينه وبين التّوبة. انطلق إلى أرض كذا وكذا؛ فإنّ بها أناسا يعبدون اللّه، فاعبد اللّه معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنّها أرض سوء، فانطلق حتّى إذا نصف الطّريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرّحمة وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرّحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى اللّه، وقالت ملائكة العذاب: إنّه لم يعمل خيرا قطّ. فأتاهم ملك في صورة آدميّ فجعلوه بينهم فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيّتهما كان أدنى فهو له. فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض الّتي أراد. فقبضته ملائكة الرّحمة»)* «1».9-* (عن أبي البختريّ- رحمه اللّه- عن رجل من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لن يهلك النّاس حتّى يعذروا «2» من أنفسهم»)* «3».10-* (عن عبد اللّه بن معقل بن مقرّن قال: دخلت مع أبي على عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «النّدم توبة» فقال له أبي: أنت سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: النّدم توبة؟» قال: نعم)* «4».11-* (قال عائذ بن عمرو: إنّ أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر. فقالوا: واللّه ما أخذت سيوف اللّه من عنق عدوّ اللّه مأخذها. قال: فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيّدهم؟ فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأخبره، فقال: «يا أبا بكر لعلّك أغضبتهم. لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربّك». فأتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه؟أغضبتكم؟ قالوا: لا. يغفر اللّه لك يا أخيّ»)* «5».12-* (عن كعب بن مالك- رضي اللّه عنه- وهو أحد الثّلاثة الّذين تيب عليهم «أنّه لم يتخلّف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فى غزوة غزاها قطّ غير غزوتين ... الحديث وفيه: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يا أمّ سلمة تيب على كعب» قالت: أفلا أرسل إليه فأبشّره؟ قال: «إذا يحطمكم «6» النّاس، فيمنعونكم النّوم سائر اللّيلة». حتّى إذا صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلاة الفجر، آذن بتوبة اللّه علينا، وكان إذا استبشر استنار وجهه حتّى كأنّه قطعة من القمر وكنّا أيّها الثّلاثة الّذين خلّفوا عن الأمر الّذي قبل من هؤلاء الّذين اعتذروا حين أنزل اللّه لنا التّوبة)*».13-* (عن أنس- رضي اللّه عنه- قال:غاب عمّي أنس بن النّضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول اللّه، غبت عن أوّل قتال قاتلت المشركين، لئن اللّه أشهدني قتال المشركين ليرينّ اللّه ما أصنع. فلمّا__________(1) البخاري- الفتح 6 (3470). ومسلم (2766) واللفظ له.(2) يعذروا: يعني أنهم لا يهلكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم فيعذروا من أنفسهم ويستوجبوا العقوبة.(3) أبو داود (4347). وأحمد (4/ 260) واللفظ له. وذكره في جامع الأصول (10/ 55) وقال مخرجه: إسناده حسن.(4) ابن ماجة (4252) واللفظ له. وأحمد (1/ 376) وقال شاكر (5/ 195): إسناده صحيح- حديث (3568). والحاكم (4/ 272) وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.(5) مسلم (2504) وأخي بضم الهمز على التصغير، وهو تصغير تحبيب وترقيق وملاطفة. وفي بعض النسخ بفتحها.(6) يحطمكم: أي يزدحمون عليكم.(7) البخاري- الفتح 8 (4677) واللفظ له. ومسلم (2769). وقد ذكر الحديث بتمامه في مواضع أخرى.كان يوم أحد، وانكشف المسلمون، قال: اللّهمّ إنّي أعتذر إليك ممّا صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك ممّا صنع هؤلاء، يعني المشركين. ثمّ تقدّم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ، الجنّة وربّ النّضر، إنّي أجد ريحها من دون أحد.قال سعد: فما استطعت يا رسول اللّه ما صنع. قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسّيف، أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثّل به المشركون فما عرفه أحد إلّا أخته ببنانه. قال أنس: كنّا نرى- أو نظنّ- أنّ هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ (الأحزاب/ 23) إلى آخر الآية»)* «1».14-* (عن عائشة- رضي اللّه عنها- زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه. فأيّتهنّ خرج سهمها، خرج بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها. فخرج فيها سهمي. فخرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. وذلك بعد ما أنزل الحجاب. فأنا أحمل في هودجي، وأنزل فيه، مسيرنا. حتّى إذا فرغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من غزوه، وقفل، ودنونا من المدينة، آذن ليلة بالرّحيل. فقمت حين آذنوا بالرّحيل.فمشيت حتّى جاوزت الجيش. فلمّا قضيت من شأني أقبلت إلى الرّحل. فلمست صدري فإذا عقدي من جزع ظفار «2» قد انقطع. فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه. وأقبل الرّهط الّذين كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي. فرحلوه على بعيري الّذي كنت أركب. وهم يحسبون أنّي فيه. قالت: وكانت النّساء إذ ذاك خفافا. لم يهبّلن «3» ولم يغشهنّ اللّحم. إنّما يأكلن العلقة من الطّعام. فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه، وكنت جارية حديثة السّنّ. فبعثوا الجمل وساروا. ووجدت عقدي بعد ما استمرّ الجيش. فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب. فتيمّمت منزلي الّذي كنت فيه. وظننت أنّ القوم سيفقدوني فيرجعون إليّ. فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت. وكان صفوان بن المعطّل السّلميّ، ثمّ الذّكوانيّ، قد عرّس «4» من وراء الجيش فأدلج. فأصبح عند منزلي. فرأى سواد إنسان نائم.فأتاني فعرفني حين رآني. وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب عليّ. فاستيقظت باسترجاعه «5» حين عرفني، فخمّرت «6» وجهي بجلبابي ... قالت: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو على المنبر: «يا معشر المسلمين؛ من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي. فواللّه__________(1) البخاري- الفتح 6 (2805).(2) عقدي من جزع ظفار: العقد نحو القلادة. والجزع خرز يمانيّ. وظفار، مبنية على الكسر. تقول: هذه ظفار ودخلت ظفار وإلى ظفار، بكسر الراء بلا تنوين في الأحوال كلها. وهي قرية باليمن.(3) لم يهبّلن: ضبطوه على أوجه: أشهرها ضم الياء وفتح الهاء والباء المشدّدة، أي يثقلن باللحم والشحم. قال أهل اللغة: يقال هبله اللحم وأهبله إذا أثقله وكثر لحمه وشحمه.(4) قد عرّس: التعريس النزول آخر الليل في السفر لنوم أو استراحة. وقال أبو زيد: هو النزول أي وقت كان والمشهور الأول.(5) استرجاعه: بقوله: إنا للّه وإنا إليه راجعون.(6) فخمّرت: فغطيت.ما علمت على أهلي إلّا خيرا. ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلّا خيرا. وما كان يدخل على أهلي إلّا معي». فقام سعد ابن معاذ الأنصاريّ فقال: أنا أعذرك منه يا رسول اللّه، إن كان من الأوس ضربنا عنقه. وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك ... الحديث)* «1».من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاعتذار)1-* (عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: رحم اللّه المعذّرين ولعن اللّه المعذّرين)* «2».2-* (قال ابن مسعود- رضي اللّه عنه- يعرض النّاس يوم القيامة ثلاث عرضات، فأمّا عرضتان، فجدال ومعاذير، وأمّا العرضة الثّالثة فعند ذلك تطير الصّحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله)* «3».3-* (عن الحسن بن عليّ- رضي اللّه عنهما- قال معتذرا: يا هذا- لرجل سأله- حقّ سؤالك إيّاي يعظم لديّ، ومعرفتي بما يجب لك تكبر عليّ، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، والكثير في ذات اللّه قليل، وما في ملكي وفاء لشكرك، فإن قبلت الميسور ورفعت عنّي مؤنة الاحتمال والاهتمام لما أتكلّفه من واجب حقّك فعلت، فقال:- يا ابن رسول اللّه- أقبل وأشكر العطيّة، وأعذر على المنع، فدعا الحسن بوكيله وجعل يحاسبه على نفقاته حتّى استقصاها، فقال: هات الفضل من الثّلثمائة ألف درهم، فأحضر خمسين ألفا قال: فما فعلت بالخمسمائة دينار؟ قال: هي عندي. قال: أحضرها، فأحضرها، فدفع الدّنانير والدّراهم إلى الرّجل، قال: هات من يحملها لك، فأتاه بحمّالين فدفع إليه الحسن رداءه لكراء الحمّالين، فقال له مواليه: واللّه ما عندنا درهم! فقال: أرجو أن يكون لي عند اللّه أجر عظيم»)* «4».4-* (اعتذر رجل إلى إبراهيم النّخعيّ رحمه اللّه تعالى، فقال له: «قد عذرتك غير معتذر، إنّ المعاذير يشوبها الكذب»)* «5».5-* (قدّم إلى الحجّاج أسرى ليقتلوا فقدّم رجل ليضرب عنقه فقال: «واللّه لئن كنّا أسأنا في الذّنب لما أحسنت في العقوبة» فقال الحجّاج: «أفّ لهذه الجيف أما كان فيها أحد يحسن مثل هذا؟وأمسك عن القتل»)* «6».6-* (اعتذر رجل إلى سليمان بن وهب__________(1) البخاري- الفتح 7 (4141)، مسلم (2770) واللفظ له.(2) بصائر ذوي التمييز (4/ 36).(3) قال الحافظ ابن حجر: لا يصح رفعه كما قال الترمذي (2425) وصح وقفه على ابن مسعود كما عند البيهقي في البعث. ذكر ذلك محقق جامع الأصول (10/ 455).(4) الإحياء (3/ 248).(5) الصحاح (2/ 737).(6) الآداب الشرعية (1/ 350- 351).فأكثر، فقال له سليمان: حسبك فإنّ الوليّ لا يحاسب، والعدوّ لا يحتسب له»)* «1».7-* (اعتذر رجل إلى الحسن بن سهل من ذنب كان له، فقال له الحسن: «تقدّمت لك طاعة، وحدثت لك توبة، وكانت بينهما منك نبوة، ولن تغلب سيّئة حسنتين»)* «2».8-* (قال عبد الرّحمن بن المبارك اليزيديّ (مؤدّب ولد يزيد بن منصور الحميريّ) يعتذر إلى المأمون لأنّه امتنّ عليه بتأديبه إيّاه:أنا المذنب الخطّاء والعفو واسع ... ولو لم يكن ذنب لما عرف العفو»)* «3».9-* (قال الشّافعيّ- رحمه اللّه-:يا لهف قلبي على مال أجود به ... على المقلّين من أهل المروءاتإنّ اعتذاري إلى من جاء يسألني ... ما ليس عندي لمن إحدى المصيبات)* «4».10-* (دخل رجل على المنصور فقال له:تكلّم بحجّتك. فقال الرّجل: لو كان لي ذنب تكلّمت بعذري وعفوك أحبّ إليّ من براءتي»)* «5».11-* (أتي الهادي برجل من الحبس فجعل يقرّره بذنوبه فقال الرّجل: اعتذاري ردّ عليك، وإقراري يوجب لي ذنبا، ولكنّي أقول:إذا كنت ترجو في العقوبة راحة ... فلا تزهدن عند المعافاة في الأجرفعفا عنه»)* «6».12-* (قال الخرائطيّ- رحمه اللّه تعالى-:أنشدني محمّد بن إسماعيل الإسحاقيّ:إذا اعتذر الجاني محا العذر ذنبه ... وكان الّذي لا يقبل العذر جانيا»)* «7».من فوائد (الاعتذار)(1) الاعتذار يمحو الذّنوب.(2) استجلاب المنافع من المعتذر إليه.(3) الأصل ألّا يقدم الإنسان على ما يعتذر منه، فإن فعل فالاعتذار يصفّي القلوب.(4) يرزق قابل الاعتذار مودّة اللّه فهو أكثر معاذير من كلّ أحد.(5) يرزق المعتذر والمعتذر إليه التّواضع.(6) المسلم الّذي يقبل العذر من أخيه يشجّعه على فعل الخير.(7) الاعتذار يقي النّاس من الهلاك.__________(1) الآداب الشرعية (1/ 349).(2) المرجع السابق (1/ 351).(3) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.(4) الإحياء (3/ 251).(5) الآداب الشرعية (1/ 351).(6) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.(7) مساوىء الأخلاق ومذمومها (312). | |
|
NAJATGREEN
اسطورة الفكر العربي
عدد المساهمات : 3445 المدينة : عمان تاريخ التسجيل : 29/05/2009
| موضوع: رد: الاعتذار الثلاثاء أغسطس 03, 2010 2:33 pm | |
| الله يعطيك العافية ملك الإحساس على توضيح المعنى بكافة نواحيه
وتقبل الإعتذار ان لم اوفيك حقك من الشكر والتقدير
ولك اجمل تحية | |
|