سورة الطلاق
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ الآية 1 .
روى قتادة عن أنس قال: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة، فأنـزل الله تعالى هذه الآية، وقيل له: راجعها فإنها صوامة قوامة، وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنة.
وقال السدي: نـزلت في عبد الله بن عمر، وذلك أنه طلق امرأته حائضًا، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ويمسكها حتى تطهر ثم تحيض حيضة أخرى، فإذا طهرت طلقها إن شاء قبل أن يجامعها، فإنها العدة التي أمر الله بها.
عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض تطليقة واحدة، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر وتحيض عنده حيضة أخرى، ثم يمهلها حتى تطهر من حيضتها، فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها، فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن تطلق لها النساء. رواه البخاري ومسلم عن قتيبة عن الليث.
قوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ 2-3 .
نـزلت الآية في عوف بن مالك الأشجعي، وذلك أن المشركين أسروا ابنًا له، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه الفاقة، وقال: إن العدو أسر بني وجزعت الأم فما تأمرني؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "اتق الله واصبر، وآمرك وإياها أن تستكثرا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله"، فعاد إلى بيته وقال لامرأته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني وإياك أن نستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فقالت: نعمَ ما أمرنا به، فجعلا يقولان، فغفل العدو عن ابنه، فساق غنمهم وجاء بها إلى أبيه وهي أربعة آلاف شاة، فنـزلت هذه الآية.
عن جابر بن عبد الله قال: نـزلت هذه الآية: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ في رجل من أشجع كان فقيرًا خفيف ذات اليد كثير العيال، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: "اتق الله واصبر"، فرجع إلى أصحابه فقالوا: ما أعطاك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما أعطاني شيئا، قال: اتق الله واصبر، فلم يلبث إلا يسيرًا حتى جاء ابن له بغنم وكان العدوّ أصابوه، فأَتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأَله عنها وأخبره خبرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكها".
قوله تعالى: وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ 4 .
قال مقاتل: لما نـزلت: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ الآية. قال خلاد بن النعمان بن قيس الأنصاري: يا رسول الله فما عدة التي لا تحيض، وعدة التي لم تحض، وعدة الحبلى؟ فأَنـزل الله تعالى هذه الآية.
عمرو بن سالم قال: لما نـزلت عدة النساء في سورة البقرة في المطلقة والمتوفى عنها زوجها، قال أُبيّ بن كعب: يا رسول الله، إن نساء من أهل المدينة يقلن قد بقي من النساء من لم يذكر فيها شيء، قال: "ما هو؟" قال: الصغار والكبار وذوات الحمل، فنـزلت هذه الآية: وَاللائِي يَئِسْنَ إلى آخرها.