الإسراف
الإسراف لغة:
الإِسْرَافُ مَصْدَرُ أَسْرَفَ يُسْرِفُ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ (س ر ف) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى تَعَدِّي الحَدِّ وَالإِغْفَالِ لِلشَّيْءِ، تَقُولُ: فِي الأَمْرِ سَرَفٌ، أَيْ مُجَاوَزَةُ القَدْرِ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: (الثَّالِثَةُ فِي الوُضُوءِ شَرَفٌ، وَالرَّابِعَةُ سَرَفٌ) وَأَمَّا الإِغْفَالُ فَقَوْلُ القَائِلِ: مَرَرْتُ بِكُمْ فَسَرِفْتُكُمْ: أَيْ أَغْفَلْتُكُمْ، أَوْ جَهِلْتُكُمْ.
(1/1)
________________________________________
وَقَالَ الرَّاغِبُ: السَّرَفُ تَجَاوُزُ الْحَدِّ فِي كُلِّ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ الإِنْسَانُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الإِنْفَاقِ أَشْهَرَ، وَيُقَالُ تَارَةً اعْتِبَارًا بِالقَدْرِ (الكَمِّيَّةِ) وَتَارَةً اعْتِبَارًا بِالْكَيْفِيَّةِ، وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الإِسْرَافُ هُنَا يَتَنَاوَلُ الْمَالَ وَغَيْرَهُ(1)، وَالإِسْرَافُ فِي الْقَتْلِ: أَنْ يَقْتُلَ وَلِيُّ الدَّمِ غَيْرَ القَاتِلِ أَوْ يَتَعَدَّاهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَشْرَفُ مِنْهُ حَسْبَمَا كَانَتِ الجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ، وَرَجُلٌ سَرِفُ الفُؤَادِ أَيْ مُخْطِيءُ الفُؤَادِ غَافِلُهُ، وَسَرِفُ العَقْلِ: غَافِلُهُ،وَقِيلَ: فَاسِدُهُ، وَالإِسْرَافُ فِي النَّفَقَةِ: التَّبْذِيرُ، وَقِيلَ أَرَادَ بِالسَّرَفِ: الغَفْلَةَ، وَقِيلَ هُوَ مِنَ الإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ فِي النَّفَقَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، أَوْ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللهِ. شَبَّهَتْ مَا يَخْرُجُ فِي الإكْثَارِ مِنَ اللَّحْمِ بِمَا يَخْرُجُ فِي الْخَمْرِ.
__________
(1) فى سبب نزول هذه الآية روايات كثيرة: منها أن قومًا من المشركين قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا فقالوا ـ أو بعثوا ـ للنبي J: إن ما تدعو إليه لَحَسَنٌ، أو تخبرنا أن لنا توبة؟ فنزلت، وقيل: نزلت في أهل مكة حينما قالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق لم يغفر له، وقد فعلنا ذلك .. فنزلت .... انظر: تفسير القرطبي (5/4)
(1/2)
________________________________________
قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ: وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الإِسْرَافِ فِي الحَدِيثِ، وَالغَالِبُ عَلَى ذِكْرِهِ: الإِكْثَارُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، وَاحْتِقَابُ(1) الأَوْزَارِ وَالآثَامِ. وَفِي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} ، أَيِ الْمُتَجَاوِزِينَ فِي أُمُورِهِمُ الحَدَّ، وَقِيلَ: أَرَادَ الْمُشْرِكِينَ، وَقِيلَ: السُّفَهَاءُ وَالسَّفَّاكُونَ لِلدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا، وَقِيلَ: الجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ تَعَدَّوْا حُدُودَ اللهِ .
قَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ: وَأَمَّا السَّرَفُ الَّذِي نَهَى اللهُ عَنْهُ فَهُوَ مَا أُنْفِقَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللهِ، قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيرًا، وَيُقَالُ: أَسْرَفَ فِي الكَلاَمِ وَفِي الْقَتْلِ: أَفْرَطَ، وَسَرَفُ الْمَاءِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ فِي غَيْرِ سَقْيٍ وَلاَ نَفْعٍ(2).
الإسراف اصطلاحًا:
قَالَ الجُرْجَانِيُّ: الإِسْرَافُ: هُوَ إِنْفَاقُ الْمَالِ الكَثِيرِ فِي العَرَضِ الْخَسِيسِ، وَقِيلَ: هُوَ تَجَاوُزُ الْحَدِّ فِي النَّفَقَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ مَا لاَ يَحِلُّ لَهُ أَوْ يَأْكُلَ مِمَّا يَحِلُّ لَهُ فَوْقَ الاعْتِدَالِ وَمِقْدَارِ الحَاجَةِ.
مظاهر الإسراف وأنواعه:
__________
(1) الاحتقاب: الاحتمال من قولهم: احتقب فلان الإثم كأنه جمعه واحتقبه من خلفه، ويقال: احتقب خيرًا أو شرًا واستحقبه في معنى ادخره.
(2) مقاييس اللغة (3/3)، والمفردات للراغب (ص 0)، والصحاح (4/3)، والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (2/2)، بصائر ذوي التمييز (3/6)، ولسان العرب لابن منظور (سرف) (6)، ط. دار المعارف.
(1/3)
________________________________________
قَالَ الرَّاغِبُ: الإِنْفَاقُ ضَرْبَانِ: مَمْدُوحٌ وَمَذْمُومٌ. فَالْمَمْدُوحُ مِنْهُ مَا يُكْسِبُ صَاحِبَهُ العَدَالَةَ، وَهُوَ بَذْلُ مَا أَوْجَبَتِ الشَّرِيعَةُ بَذْلَهُ، كَالصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالإِنْفَاقِ عَلَى العِيَالِ .
وَالْمَذْمُومُ ضَرْبَانِ: إِفْرَاطٌ وَهُوَ التَّبْذِيرُ وَالإِسْرَافُ، وَتَفْرِيطٌ وَهُوَ التَّقْتِيرُ وَالإِمْسَاكُ، وَكِلاَهُمَا يُرَاعَى فِيهِ الْكَمِّيَّةُ وَالْكَيْفِيَّةُ، فَالأَوَّلُ مِنْ جِهَةِ الْكَمِّيَّةِ أَنْ يُعْطِيَ أَكْثَرَ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ حَالُهُ.
وَمِنْ جِهَةِ الْكَيْفِيَّةِ بَأَنْ يَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَالاعْتِبَارُ هُنَا بِالْكَيْفِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْهُ بِالْكَمِّيَّةِ .
أَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ التَّقْتِيرُ فَهُوَ مِنْ جِهَةِ الْكَمِّيَّةِ أَنْ يُنْفِقَ دُونَ مَا يَحْتَمِلُهُ حَالُهُ، وَمِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةُ، أَنْ يَمْنَعَ مِنْ حَيْثُ يَجِبُ، وَيَضَعَ حَيْثُ لاَ يَجِبُ. وَلَيْسَ الإِسْرَافُ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ وَحْدَهُ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ وُضِعَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ اللاَّئِقِ بِهِ .
الآيات الواردة في "الإسراف"
آيات الإسراف فيها في الذنوب في سياق طلب المغفرة أو الوعد بها :
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ(146)وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(147)فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(148)}(1)
__________
(1) آل عمران : 146 – 148 مدنية
(1/4)
________________________________________
آيات الإسراف فيها واقع في المال أو في القصاص وفي سياق النهي عنه :
{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا(6)}(1)
{يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ(31)}(2)
{وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا(33)}(3)
آيات الإسراف فيها قرين الكفر :
{وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(12)}(4)
{قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ(18)قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ(19)}(5)
__________
(1) النساء : 6 مدنية
(2) الأعراف : 31 مكية
(3) الإسراء : 33 مكية
(4) يونس : 12 مكية
(5) يس : 18 – 19 مكية
(1/5)
________________________________________
{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ(34)}(1)
آيات تبين أن الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة نتيجة الإسراف :
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124)قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا(125)قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى(126)وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى(127)}(2)
{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ(7)وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لاَ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ(8)ثُمَّ صَدَقْنَاهُمْ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ(9)}(3)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الإسراف"
1*(عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ J، فَقَالَ: إِنِّي فَقِيرٌ لَيْسَ لِي شَيْءٌ، وَلِي يَتِيمٌ. قَالَ: [كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِكَ غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلاَ مُبَاذِرٍ وَلاَ مُتَأَثِّلٍ](4)*(5).
__________
(1) غافر : 34 مكية
(2) طه : 124 – 127 مكية
(3) الأنبياء : 7 – 9 مكية
(4) متأثل: أي جامع له.
(5) النسائي (6/6) واللفظ له وقال الألباني: حسن صحيح (2/9) رقم (9). وأبوداود (2). وابن ماجة (8).
(1/6)
________________________________________
2- *( عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ])*(1).
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الإسراف" معنًى
3- *( عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J:[ إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنْعًا وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ])*(2).
4- *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ـَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاَثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ،وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ])*(3).
__________
(1) النسائي (5/9) واللفظ له، وقال الألباني: حسن. صحيح النسائي(2/0برقم 9). وابن ماجة (2/5). قال ابن حجر في الفتح: رواه أبو داود والطيالسي والحارث بن أسامة في مسنديهما وأيضًا رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر، وذكره البخاري معلقًا مجزومًا به (0/3).وقال محقق [جامع الأصول] (1/7): وهو حديث صحيح.
(2) البخاري - الفتح3(7). ومسلم (3). واللفظ له، وهو في أحمد (3/6) .
(3) مسلم (5).
(1/7)
________________________________________
5- *(عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ: كَانَ لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَدَخَلَ رَجُلٌ يَأْكُلُ مَعَهُ فَأَكَلَ كَثِيرًا، فَقَالَ لِمَوْلاَهُ نَافِعٍ: يَا نَافِعُ لاَ تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ . سَمِعْتُ النَّبِيَّ J يَقُولُ:[الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ])*(1).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذَمِّ "الإسراف"
1*( قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ لَمَّا مَرَّ عَلَيْهِ وَمَعَهُ حَامِلُ لَحْمٍ:[أَمَا يُرِيدُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَطْوِيَ بَطْنَهُ لِجَارِهِ وَابْنِ عَمِّهِ؟ فَأَيْنَ تَذْهَبُ عَنْكُمْ هَذِهِ الآيَةُ {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَتِكُمْ فِي حَيَتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا}])*(2).
__________
(1) البخاري ــ الفتح 9(3)
(2) الترغيب والترهيب للمنذري(3/1،2)، ونقل قول الحليمي ـ رحمه الله ـ: هذا الوعيد من الله ـ تعالى ـ وإن كان للكفار الذين يقدمون على الطيبات المحظورة، فقد يخشى مثله على المنهمكين في الطيبات المباحة لأن من يتعودها مالت نفسه إلى الدنيا فلم يأمن أن يرتكب في الشهوات والملاذ كلما أجاب نفسه إلى واحد منها دعته إ لى غيرها، فيصير إلى أن لا يمكنه عصيان نفسه في هوى قط فإذا آل به الأمر إلى هذا لم يبعد أن يقال له الآية، فلا ينبغي أن تعود النفس فربما تميل به إلى الشره ثم يصعب تداركها، ولترض من أول الأمر على السداد فإن ذلك أهون من أن تدرب على الفساد ثم يجتهد في إعادتها إلى الإصلاح.
(1/8)
________________________________________
2*( قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:{ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }: يَعْنِي فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ تَقْتِيرٍ)*(1).
3- *( وَقَالَ السُّدِّيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ فِيهَا: [لاَ تُعْطُوا أَمْوَالَكُمْ فَتَقْعُدُوا فُقَرَاءَ])*(2).
4- *( وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: [لاَ تُسْرِفُوا فِي الأَكْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَضَرَّةِ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ])*(3).
5- *( قَالَ سُفْيَانُ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ [مَا أَنْفَقْتَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللهِ فَهُوَ سَرَفٌ وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً])*(4).
6- *( قَالَ ابْنُ القَيِّمِ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ [إِنَّ مُجَاوَزَةَ الحَدِّ فِي كُلِّ أَمْرٍ يَضُرُّ بِمَصَالِحِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، بَلْ يُفْسِدُ الْبَدَنَ أَيْضًا، إِذْ إِنَّهُ مَتَى زَادَتْ أَخْلاَطُهُ عَنْ حَدِّ الْعَدْلِ وَالوَسَطِ ذَهَبَ مِنْ صِحَّتِهِ وَقُوَّتِهِ بِحَسَبِ ذَلِكَ، وَهَذَا مُطَّرِدٌ أَيْضًا فِي الأَفْعَالِ الطَّبِيعِيَّةِ كَالنَّوْمِ وَالسَّهَرِ وَالأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَالْحَرَكَةِ وَالرِّيَاضَةِ وَالْخَلْوَةِ وَالْمُخَالَطَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ])*(5).
7 - *( قَالَ الْفَيْرُوزَأَبَادِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ}: [هُمُ الْمُتَجَاوِزُونَ فِي أُمُورِهِمُ الْحَدَّ])(6).
__________
(1) الأدب المفرد للبخاري (1/8،9)
(2) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(3) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(4) بصائر ذوي التمييز (3/6).
(5) بتصرف من الفوائد (9).
(6) بصائر ذوي التمييز (3/6).
(1/9)
________________________________________
8 - *( قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ:[جَمَعَ اللهُ الطِّبَّ كُلَّهُ فِي نِصْفِ آيَةٍ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا})*(1).
من مضار "الإسراف"
(1) يَجْلِبُ غَضَبَ الرَّبِّ لأَنَّهُ يُنَافِي كَمَالَ الإيمَانِ
(2) التَّشَبُّهُ بِالشَّيْطَانِ فِي الإِفْسَادِ.
(3) إِضَاعَةُ الْمَالِ وَالْفَقْرُ فِي الْمَآلِ .
(4) النَّدَمُ وَالحَسْرَةُ عَلَى مَا ضَاعَ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ.
(5) يَطْبَعُ الْمُجْتَمَعَ بِطَابَعِ الانْحِلاَلِ وَالْبُعْدِ عَنِ الجِدِّ وَالاجْتِهَادِ .
(6) يَدَعُ الْمُجْتَمَعَ عَالَةً عَلَى غَيْرِهِ عَاجِزًا عَنِ الْقِيَامِ بِمَهَامِّهِ.
__________
(1) تفسير ابن كثير (2/0)
(1/10)