الرياض
بقلم:دلال عبدالله
«أنت ما تأكل» هذا ما أثبتته الأبحاث العلمية الأخيرة على المخ كعضو نامٍ، يتأثر بالعناصر الغذائية سلبًا أو إيجابًا، ويكون بذلك الغذاء عاملاً مهمًا ومؤثرًا على وظائف المخ، ما بين الانفعالات، والإحساس بالألم، وتنشيط الذاكرة والوقاية من الأمراض التي تصيب الدماغ
مثل: الزهايمر والسكتة الدماغية وغيرهما.
وبما أننا في عصر المعرفة والمعلومة والإبداع فقد حل الدماغ مكان قوة العضلات التي كانت مسيطرة في العصور السابقة، فأصبحت الأبحاث والتجارب على المخ أكثر جدية للبحث عن المكملات الغذائية التي ترفع من أدائه وكفاءته، والوقاية من تدهور وظائفه، وهو ما أدى إلى ظهور علم جديد اسمه (علم الأعصاب المتعلق بالتغذية) Nutritional Neuroscience
لذلك حين تقرر مواكبة هذا القرن، وتحقيق النجاحات في مختلف جوانب حياتك، فإنك تحتاج إلى الاهتمام بغذائك ونوعيته لتعزيز قدرات عقلك الذهنية، وضبط المهارات العصبية العضلية، والاستفادة من طاقات المخ.
كيف يتأثر المخ بالعناصر الغذائية؟
وذلك عن طريق النواقل العصبية (ساعي البريد) التي تؤثر في أداء المخ بحسب العناصر الغذائية الموجودة في الطعام والمكملات الغذائية (الرسالة المتلقاة) وبذلك يكون تأثير كبير على نوع النواقل التي يصنّعها جسمك، وتؤثر في النشاط الذهني والسلوك الدماغي لك فتحدد بذلك تفكيرك وذكاءك ونوعية سلوكك، فالمخ هو مخزن الذاكرة والإبداع والذكاء، وقد تم اكتشاف خمسين ناقلاً إلى الآن. نذكر منها على سبيل المثال:
التربتوفان: وهو حمض أميني يحصل عليه الجسم من البروتين، ويقوم على إنتاج كميات من «السيروتونين» التي تسبب الخمول، والتقليل من الإحساس بالألم، وتحسين المزاج، وأيضًا تقوية الذاكرة.
التيروسين: الذي يصنع «الدوبامين» المسؤول عن التوافق الحركي، والتحكم في الدورة الدماغية، وهو حمض بروتيني.
الكولين: الذي يصنع «الأسيتل كولين» المهم للحفاظ على الذاكرة، والداعم للقدرات الاستجابية.
بالإضافة إلى الأحماض الأمينية، يحتاج المخ إلى الفيتامينات والمعادن، والأحماض الدهنية غير المشبعة، وكذلك يحتاج لكي يعمل بكفاءة إلى الاحتفاظ بمستوى السكر، حيث إن التأرجح في مستواه يؤثر في وظائفه، فعلى الرغم من صغر حجم الدماغ الذي يبلغ 2% من وزن الإنسان، فإنه يستهلك 25% من طاقة الجسم الكلية!!
لذلك ضع في بالك بأن ما تأكله سيحدد مدى نشاطك الذهني، وقوة ذاكرتك، ونوع طاقاتك الإبداعية والعاطفية، وأن نقص أحد العناصر الغذائية سبب لا يستهان به في الإصابة باضطرابات الذاكرة، وقلة النشاط العقلي، وتدني مستوى الاستيعاب، والشلل الرعاشي، والسكتات الدماغية.
ما العناصر التي ترفع من طاقة المخ والقدرات العقلية في غذائك؟
الفيتامينات: توصل فريق أبحاث في جامعة نيو مكسيكو بعد عمل اختبارات التفكير _Thinking tests على مجموعة من الأشخاص إلى اقتران ارتفاع مستويات الفيتامينات في الدم بنتائج أفضل بالاختبارات الذهنية.
وقد تناولت البحوث التي تتعلق بالفيتامينات التي تؤثر في تنشيط القدرات الذهنية مجموعة كبيرة من الفيتامينات على رأسها:
الثيامين: ويسمى «فيتامين الأعصاب»، حيث إن له قدرة على التحكم في المزاج، ونقصه يؤدي إلى الإجهاد والإرهاق والانطواء، أما لدى الأطفال فقد أدى إعطاؤهم جرعات من الثيامين إلى اطراد سرعة ردة الفعل، والذكاء، وحدة الإبصار، والذاكرة. ويوجد في: الحبوب الكاملة، والفستق، والنخالة، وحبوب الخميرة.
النياسين: وهو فيتامين الذاكرة، إذ يساعد على تنشيط أداء كل من الذاكرة قريبة الأجل، وبعيدة الأجل والذاكرة الحسية، وكذلك يحسّن تدفق الدم إلى المخ، وينشّط إنتاج الطاقة في الخلية. وكذلك وجد رابط بين النياسين ومرض الفصام، حيث يؤدي تعاطيه إلى تقليل أعراض المرض ويوجد في كل من: الحبوب، واللحوم، والتونة، والفواكه المجففة، ومشتقات الحليب.
فيتامين ب12 :cobalamin يؤثر نقص هذا الفيتامين في المخ والجهاز العصبي، ويؤدي إلى الإصابة بما يسمى بـ«الشيخوخة الكاذبة»، ويساعد تعاطيه على تثبيط الهوموستايين، والوقاية من الاضطرابات العصبية.
ويوجد في: اللحوم، والأجبان، وثمار البحر، والبيض، والبطاطا، والسبانخ، والهليون، والقمح.
فيتامين ب6: يساعد على تحسين أداء الذاكرة، وله دورة في تثبيط الهموستايين، وأيضًا الأحماض الأمينية، كذلك له ارتباط بمستوى السيروتونين بالمخ،
ويوجد في: الكبد، ورشيم القمح، والموز، والأرز، والقرنيات: كالفول، والعدس، والحمص، والخضار، والحبوب.
الريبوفلافين ب2: يؤمن انتقال الفسفور إلى الخلايا العصبية اللازم لبنائها، ويؤدي نقصه إلى الإصابة بضعف الذاكرة،
ويوجد في: خميرة البيرة، والأسماك، والخضار الخضراء، والفواكه، ورشيم القمح.
فيتامين هـ : يحمي هذا الفيتامين المضاد للتأكسد، دهن الأغشية الخلوية في الجسم، خصوصًا غشاء خلايا المخ الذهنية، وكذلك يسبب تعاطيه اتساع الأوعية الدموية ووصول الأكسجين إلى المخ، ويقلل من فرص الإصابة بمرض الزهايمر،
ويوجد في: الأفوكاتو، والملفوف، والذرة، والكبد، واللوز، والبندق، والبيض، والبندورة، ورشيم الحبوب.
فيتامين ج: وهو مضاد للتأكسد ومهم في تنشيط الأداء الذهني، ويحافظ على المخاخ المسنة، كما أنه مضاد للسكتات الدماغية، وينظم تدفق الدم في الأوعية الدموية.
* المعادن:
الحديد: يحتاج المخ إلى كريات الدم الحمراء للعمل، والتي بدورها تتركب من الحديد، لذلك فالحديد يحسّن وصول الأكسجين إلى المخ.
الزنك: يرتبط بالسموم، ويخلص المخ منها، وقد أثبتت الأبحاث ارتباط الزنك والحديد بضعف الذاكرة والاستيعاب الفكري،
ويوجد في: المحار، والأسماك، والحبوب الكاملة والخضار.
السيلينيوم: يحتاج إليه المخ لتنشيط النواقل العصبية، كالسيروتونين والدوبامين والأدرينالين، ويحتاجه مضاد التأكسد الجلوتاثيون،
ويوجد في: الحبوب، والثوم، واللحم، والتونة، والأسماك عمومًا.
ومن المعادن كذلك المغنيسيوم والمنجنيز والنحاس، وتجدر الإشارة إلى أن حاجة الجسم إلى هذه المعادن قليلة جدًا يستطيع تأمينها من خلال وجبة متنوعة.
* السكريات:
تحتاج الخلايا العصبية إلى مستوى معين من سكر الدم «الجلوكوز» ليس شديد الارتفاع أو الانخفاض كي يستطيع تأدية الوظائف على أكمل وجه.
فحين تقوم بجهد ذهني يستهلك المخ سكر الدم، لإنتاج الطاقة اللازمة، ومن ثم يحتاج إلى تعويض الاستهلاك المستمر للجلوكوز والاحتفاظ باستمرارية النشاط الذهني، والقدرات العقلية على أكمل وجه.كذلك ينشط السكر الناقل العصبي«الإستيل كولين».
ويفضل استهلاك السكريات بطيئة الهضم، وذات معامل تسكر منخفض يؤدي إلى زيادة مستوى الكوليسترول النافع HDL ، ويزيد من استجابة الجسم للإنسولين، حيث إنها ترفع من مستويات سكر الدم تدريجيًا
مثل: الفاكهة، والخضراوات، والبقول، وعسل النحل.
* الأحماض الدهنية:
مثل ما هناك دهون ضارة بالجسم، وتكون هي السبب الخفي خلف كل مرض يصيب الجسم، فإن هناك دهونًا ضرورية لا غنى عنها للجسم (للمخ خصوصًا)، تساعد على تحديد نوع النواقل العصبية، ونشاط الهرمونات والجينات التي تختص بالحالة الشعورية لنا.
أما أنواع هذه الدهون الداعمة لعمل المخ فهي:
* دهون أوميجا ـ 3 ، وتوجد في الأطعمة البحرية.
* دهون أوميجا ـ 6 ، وأيضًا توجد في الأسماك وزيت السمك.
* حمض اللينولينيك ويوجد في المكسرات، والأوراق الخضراء، وزيت بذرة الكتان.
* دهون أحادية التشبع مثل زيت الزيتون،وتحتوي على مضادات للتأكسد، ولا تسبب أضرارًا على الأوعية الدموية.
أما ما يجب الابتعاد عنه من الدهون
فهي الدهون الحيوانية المشبعة، والتي توجد في اللحوم، والألبان، والزبدة. وكذلك الزيوت المهدرجة مثل: السمن النباتي، والمايونيز.
* قليل من الكافيين، كثير من النشاط:
إذا كنت ممن ليس لديهم حساسية ضد الكافيين، فإن فنجانًا من الشاي أوالقهوة يعزز أداء المخ الذهني وينشط الذاكرة، حيث يعمل الكافيين على تثبيط داء الناقل العصبي «الأدينوزين» Adenosine المتخصص في حث المخ على السكون، وقلة النشاط الذهني، وأيضًا يدعم إفراز الأدرينالين. وأكثر ما يوجد الكافيين في القهوة ثم الشاي .
ويجب التنبيه هنا إلى أن الإكثار من تعاطي المصادر التي تحوي الكافيين قد يؤدي إلى نتائج عكسية، ولن يزيد من كفاءة عمل المخ إطلاقًا، لذا يجب الابتعاد عن مصادره الضارة مثل الكولا بأنواعها.
* نبتة الحياة «الجنكة»:
تساعد نبتة الجنكة على دعم الدورة الدموية والأكسجين داخل الشعيرات الدمويةفي المخ، وهي من أهم منشطات المخ وتعزيز الذاكرة، وكذلك للجنكة قدرة على تقليص الإصابة بمرض الزهايمر، وتقليل الإصابة بأعراض الشيخوخة، وهي آمنة وليس لها مضاعفات تذكر.
أضافة شخصية عن الجنكة بقلم آخر حتى تعم الفائدة اكثر:
يقول الدكتور فارو اي تايز استاذ علم العقاقير بجامعة بوردو في مدينة وست لافيان بولاية انديانا بامريكا، ان الجنكة وهو نبات شجري معمر هو واحد من اقدم الأشجار على كوكب الأرض ونبات الجنكة والذي يعرف بشجرة المعبد Ginkgo وعلميا باسم Ginkgo Biloba يصل ارتفاعه الى حوالي 30م وله أوراق قلبية الى مروحية جميلة الشكل وبثمار تشبه بيض الحمام والجزء المستخدم من النبات الأوراق والبذور بعد ازالة قشرتها، الموطن الأصلي لنبات الجنكة الصين واليابان وتزرع في المزارع الكبيرة في الصين واليابان وفرنسا وكارولينا الجنوبية بالولايات المتحدة الامريكية تحتوي الأوراق على فلافونيدات وجنكوليدات وبيلو باليدات.
نصائح غذائية لقدرات عقلية أكثر كفاءة:
* ابدأ يومك بوجبة فطور تحتوي على قطعة خبز، ولبن، وحبوب، حيث تعمل كضابطة للمزاج وداعمة لعمليات العقل الذهنية، وخصوصًا للأطفال.
* تناول لحوم الأسماك والدواجن دون جلد، واللحوم الحمراء الخالية من الدهون وبمقدار ضئيل.
* قلل من السكريات والصوديوم في طعامك.
* ابتعد عن الأطعمة المعالجة.
* تناول البقوليات والمكسرات.
* عليك بالفاكهة والخضراوات، وإن كنت من المقلين بها فيجب أن تأخذ المكملات الغذائية الجاهزة من الفيتامينات والمعادن.
* تؤثر السمنة، وخصوصًا الكرش بالنسبة للرجال في الذكاء، حيث تعيق السمنة من انتقال الدم إلى الدماغ بحرية.
* ممارسة أنشطة ذهنية وعقلية يساعد على ارتفاع معدل الذكاء، حيث وجد ارتباط كبير بين مستوى التعليم وانخفاض معدلات حدوث اضطرابات الذاكرة.
* الابتعاد عن التدخين، حيث يساعد على زيادة فرص اضطرابات الذاكرة.
* تساعد التمارين في الهواء الطلق على زيادة وصول الدم إلى المخ لتنتج مادة الإندورفين التي تعطي الشعور بالثقة والراحة والتفاؤل.
* الرضاعة الطبيعية تزيد من معدل ذكاء الطفل بنسبة كبيرة.
تعليق
موضوع رائع كان لا بد أن انقله اليكم فهو مهم جدا يوصل الينا معلومات مفيدة
ويتحدث بلغة رائعة تصف كيفية عمل المخ واحتياجاته
كما انه غني بمعلومات دقيقة غائبة عن الجميع تقريبا