سعيد بن عامر بن حذيم
ان سلامان بن ربيعة الجمحي أسلم قبل خيبر وشهدها مع رسول الله. صلى الله عليه وسلم وما بعدها.
عن عبد الرحمن بن سابط قال ارسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى سعيد بن عامر فقال أنا مستعملوك على هؤلاء فسر بهم إلى أرض العدو فتجاهد بهم فقال يا عمر لا تفتني فقال عمر والله لا ادعكم جعلتموها في عنقي ثم تخليتم مني.
وعنه قال دعا عمر بن الخطاب رجلا من بني جمح يقال له سعيد بن عامر بن حذيم فقال له اني مستعملك على أرض كذا وكذا فقال لا تفتني يا امير المؤمنين فقال والله لا ادعك قلد تموها في عنقي وتركتموني فقال عمر إلا نفرض لك رزقا قال قد جعل الله تعالى في عطائي ما يكفيني دونه أو فضلا على ما اريد.
قال وكان إذا خرج عطاؤه ابتاع لأهله قوتهم وتصدق ببقيته فتقول له امراته اين فضل عطائك فيقول لها قد اقرضته فأتاه ناس فقالوا ان لأهلك عليك حقا وان لاصهارك عليك حقا فقال ما أنا بمستأثر عليهم ولا بملتمس رضا أحد من الناس لطلب الحور العين ولو اطلعت خيرة من خيرات الجنة لاشرقت لها الأرض كما تشرق الشمس وما أنا بمتخلف عن العنق الأول بعد ان سمعت رسول الله. صلى الله عليه وسلم يقول: يجمع الله عز وجل الناس ليوم فيجيء فقراء المؤمنين فيزفون كما يزف الحمام فيقال لهم قفوا عند الحساب فيقولون ما عندنا حساب ولا تيتمونا شيئا فيقول ربهم عز وجل صدق عبادي فيفتح لهم باب الجنة فيدخلونها قبل الناس بسبعين عاما .
فبلغ عمر أنه يمر به كذا وكذا لا يدخن في بيته فارسل إليه عمر بمال فأخذه فصرره صررا فتصدق به يمينا وشمالا وقال سمعت رسول الله. صلى الله عليه وسلم يقول لو ان حوراء اطلعت اصبعا من اصابعها لوجد ريحها كل ذي روح فانا ادعهن لكن فوالله لانتن احرى ان ادعكن لهن منهن لكن .
وعن حسان بن عطية قال لما عزل عمر بن الخطاب معاوية بن أبي سفيان عن الشام بعث سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي قال فخرج معه بجارية من قريش نضيرة الوجه قال فما لبث إلا يسيرا حتى اصابته حاجة شديدة قال فبلغ ذلك عمر فبعث إليه بالف دينار قال فدخل بها على امراته فقال ان عمر بعث إلينا بما ترين فقالت لو انك اشتريت ادما وطعاما وادخرت سائرها فقال لها أولا ادلك على افضل من ذلك نعطي هذا المال من يتجر لنا فيه فناكل من ربحها وضمانها عليه قالت فنعم إذا فاشترى ادما وطعاما واشترى غلامين وبعيرين يمتاران عليهما حوائجهم وفرقها على المساكين وأهل الحاجة.
قال فما لبث إلا يسير حتى قالت له امراته أنه قد نفد كذا وكذا فلو اتيت ذلك الرجل فأخذت لنا من الربح فاشتريت لنا مكانه قال فسكت عنها ثم عاودته فسكت عنها حتى آذته ولم يدخل بيته إلا من ليل إلى ليل.
قال وكان رجل من أهل بيته ممن يدخل بدخوله فقال لها ما تصنعين انك قد اذيته وانه قد تصدق بذلك قال فبكت اسفا على ذلك المال.
قال ثم أنه دخل عليها يوما فقال على رسلك أنه كان لي أصحاب فارقوني منذ قريب ما أحب اني صددت عنهم وان لي الدنيا وما فيها ولو ان خيرة من خيرات الجنان اطلعت من السماء لاضاءت لأهل الأرض ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر ولنصيف تكسى خير من الدنيا وما فيها فلأنت في نفسي احرى ان ادعك لهن من ان ادعهن لك قال فسمحت ورضيت.
وعن مالك بن دينار قال لما أتى عمر رضي الله عنه الشام طاف بكورها قال فنزل بحضرة حمص فامر ان يكتبوا له فقراءهم قال فرفع إليه الكتاب فإذا فيه سعيد بن عامر بن حذيم اميرها فقال من سعيد بن عامر قالوا اميرنا قال اميركم قالوا نعم فعجب عمر ثم قال كيف يكون اميركم فقيرا اين عطاؤه اين رزقه? قالوا يا امير المؤمنين لا يمسك شيئا قال فبكى عمر ثم عمد إلى إلى الف دينار فصرها ثم بعث بها إليه وقال اقرئوه مني السلام وقولوا بعث بهذه اليك امير المؤمنين تستعين بها على حاجتك قال فجاء بها إليه الرسول فنظر فإذا هي دنانير. قال فجعل يسترجع قال تقول له امراته ماشانك يا فلان امات امير المؤمنين قال بلا اعظم من ذلك قالت فما شأنك قال الدنيا اتتني الفتنة دخلت علي قالت فاصنع فيها ما شئت قال عندك عون قالت نعم قال فأخذ دريعة فصر الدنانير فيها صرارا ثم جعلها في مخلاة ثم اعترض جيشا من جيوش المسلمين فامضاها كلها فقالت له امراته رحمك الله لو كنت حبست منها شيئا نستعين به قال فقال لها اني سمعت رسول الله. صلى الله عليه وسلم يقول أو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى أهل الأرض لملأت ريح مسك واني والله ما كنت لاختارك عليهن فسكتت.
وعن خالد بن معدان قال استعمل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحمص سعيد بن عامر بن حذيم فلما قدم عمر حمص قال يا أهل حمص كيف وجدتم عاملكم فشكوه إليه وكان يقال لأهل حمص الكويفة الصغرى لشكايتهم العمال قالوا نشكو اربعا لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار قال اعظم بها قال وماذا قالوا لا يجيب أحدا بليل قال وعظيمة قال وماذا قالوا له يوم في الشهر لا يخرج فيه إلينا قال عظيمة قال وماذا قالوا يغنظ الغنظة بين الايام أي تأخذه موتة.
قال فجمع عمر بينهم وبينه وقال اللهم لا تفيل رايي فيه اليوم ما تشتكون منه قالوا لا يخرج حتى يتعالى النهار قال والله ان كنت لاكره ذكره ان ليس لأهلي خادم فاعجن عجينهم ثم اجلس حتى يختمر ثم اخبز خبزي ثم اتوضا ثم أخرج إليهم.
فقال ما تشتكون منه قالوا لا يجيب أحدا بليل قال ما يقولون قال ان كنت لاكره ذكره اني جعلت النهار لهم وجعلت الليل لله عز وجل قال وما تشكون منه قالوا ان له يوما في الشهر لا يخرج إلينا فيه قال ما يقولون قال ليس لي خادم يغسل ثيابي ولا ثياب ابدلها فاجلس حتى تجف ثم ادلكها ثم أخرج إليهم من آخر النهار قال ما تشكون منه قالوا يغنظ بين الايام قال ما يقولون قال شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة وقد بضعت قريش لحمه ثم حملوه على جذع فقالوا اتحب ان محمدا مكانك فقال والله ما أحب اني في أهلي وولدي وان محمدا شيك بشوكة ثم نادى يا محمد فما ذكرت ذلك اليوم وتركي نصرته في تلك الحال وانا مشرك لا اؤمن بالله العظيم إلا ظننت ان الله عز وجل لا يغفر لي بذلك الذنب أبدا فتصيبني تلك الغنظة فقال عمر الحمد لله الذي لم يفيل فرأستي فبعث إليه بالف دينار وقال استعن بها على حاجتك فقالت امراته الحمد لله الذي اغنانا عن خدمتك فقال لها فهل لك في خير من ذلك ندفعها إلى من يأتينا بها احوج ما نكون إليها قالت نعم فدعا رجلا من أهله يثق به فصررها صررا ثم قال انطلق بهذه إلى ارملة ال فلان والى مسكين ال فلان والى مبتلي ال فلان فبقيت منها ذهيبة فقال انفقي هذه ثم عاد إلى عمله فقالت إلا تشتري لنا خادما ما فعل ذلك المال قال سيأتيك الحوج ما تكونين.
ذكر وفاة سعيد
محمد بن سعد قال قال الواقدي مات سعيد في سنة عشرين في خلافة عمر رضي الله عنه.