خصوبة الرجال في خطر
د. رشيد بن حويل البيضاني
اعتدنا أن نقرأ ـ ونكتب أيضا ـ عن خطورة بعض مظاهر المدنية الحديثة على المرأة، جمالها وأنوثتها وأمومتها، لكننا لم نركز اهتمامنا على ما قد يصيب الرجل من جراء هذه المظاهر، ويبدو أنه قد حان الوقت لندق صافرات الإنذار للرجال ونقول لهم: انتبهوا أيها الرجال، قبل فوات الأوان.
لقد أكدت بحوث ودراسات علمية حديثة على أن أسلوب الحياة الحديثة العصرية، له تأثير كبير على خصوبة الرجل، هذه الخصوبة التي تشهد تراجعا مستمرا بين الرجال في الغرب، نتيجة استخدام الرجال لحمامات البخار (الساونا) وارتداء البنطلونات الجينز الضيقة، كما أثبتت الدراسات أن التدخين يؤدي إلى ضعف الحيوانات المنوية وعدم قدرتها على الوصول إلى البويضة في الوقت المناسب، إضافة إلى ما يسببه التدخين ــ بكافة أنواعه ــ من تغيير المكون الوراثي DNA لهذه الحيوانات، وهو نفس الأثر الذي تسببه الكحلويات.
وقد أثبتت دراسة أخرى تمت في أستراليا أن التدخين قد يؤدي إلى انكماش حجم العضلات، الأمر الذي من شأنه تهديد سلامة الجسم بشكل عام، كما أشارت إحدى الباحثات إلى أن استخدام التدخين لإيقاف زيادة الوزن يمثل خطورة على الجسم أيضا، لأن التدخين ــ حسب الدراسات التي تمت حتى الآن ــ يؤدي إلى انخفاض حجم العضلات وانكماشها كما تتجمع الدهون حول قلب المدخن ورئتيه، مما يشكل خطورة بالغة على صحة المدخن.
وفي دراسة أخرى استمرت ما يقرب من ثلاثة أشهر، وشملت أكثر من مائتي رجل، ثبت أن الهاتف الجوال يسهم بشكل كبير في خفض خصوبة الرجل عن طريق خفض عدد الحيوانات المنوية إلى الثلث، فمعدل المني عند الرجال الذين يحملون الجوال في جيوبهم على مدى اليوم كله قد بلغ حوالي 9.11 مليون في كل ميليلتر في السائل المنوي، بينما بلغ حوالى 82.97 مليون عند الرجال الذين لا يحملون الهاتف الجوال.
كما أثبتت دراسة أخرى تمت في اسكتلندا وشملت أكثر من سبعة آلاف رجل، أن عدد الحيوانات المنوية قد انخفض بنسبة 49 في المائة عند هؤلاء الذين يحملون الهاتف الجوال في جيوبهم، كما يؤثر ذلك أيضا في نوعية الحيوانات المنوية.
وقد أكد كثير من العلماء والمتخصصين العرب في مجال الطب أن التدخين يؤثر بشكل سلبي على القدرة وعلى خصوبة الرجل، بل وعلى خصوبة المرأة كذلك، وعلى الحمل والإنجاب والولادة، وقد يؤدي التدخين إلى العقم التام عند الرجل والمرأة.
والمشكلة الكبرى في هذا كله هو أن كل هذه المصائب التي يحدثها التدخين، تحدث ــ كذلك ــ نتيجة ما يسمى بالتدخين السلبي؛ أي أن هؤلاء المساكين الذين يتعرضون ــ رغم أنفهم ــ لاستنشاق الدخان المنبعث من المدخنين الذين لا يرقبون في البشر إلا ولا ذمة، يتعرضون لنفس المخاطر.
بقي أن ننبه أنفسنا إلى إجراء مقارنة بسيطة، بين الشباب خاصة، بين رجولة مزعومة تتمثل في السيجارة، والاستخدام المفرط للجوال، كنوع من إثبات الرجولة الزائفة، وبين المحافظة على الرجولة الحقيقية المتمثلة في حياة أسرية بلا مشاكل، وفي إنجاب ذرية سليمة بلا تشوهات أو أمراض.
فهل تفضلون يا رجال، التدخين والجوال، على إنجاب العيال، والعيش في حياة عال العال؟
كل نفس بما كسبت رهينة.