قال: «اقضوا كما كنتم تقضون؛ فإنّي أكره الاختلاف حتّى يكون النّاس جماعة، أو أموت كما مات أصحابي» فكان ابن سيرين يرى أنّ عامّة ما يروى عن عليّ الكذب»)* «1».
4-* (عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنّ أروى خاصمته في بعض داره فقال: دعوها وإيّاها؛ فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «من أخذ شبرا من الأرض بغير حقّه طوّقه في سبع أرضين يوم القيامة».
اللّهمّ إن كانت كاذبة فأعم بصرها واجعل قبرها في دارها. قال: فرأيتها عمياء تتلمّس الجدر. تقول:
أصابتني دعوة سعيد بن زيد. فبينما هي تمشي في الدّار مرّت على بئر في الدّار فوقعت فيها، فكانت قبرها»)* «2».
5-* (عن جابر بن سمرة قال: «شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر- رضي اللّه عنه- فعزله، واستعمل عليهم عمّارا فشكوا حتّى ذكروا أنّه لا يحسن يصلّي. فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحاق. إنّ هؤلاء يزعمون أنّك لا تحسن تصلّي. قال أبو إسحاق: أمّا أنا واللّه فإنّي كنت أصلّي بهم صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما أخرم عنها: أصلّي صلاة العشاء فأركد في الأوليين و
أخفّ في الأخريين. قال: ذاك الظّنّ بك يا أبا إسحاق. فأرسل معه رجلا أو رجالا إلى الكوفة فسأل عنه أهل الكوفة ولم يدع مسجدا إلّا سأل عنه، ويثنون معروفا حتّى دخل مسجدا لبني عبس، فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة يكنّى أبا سعدة. قال: أما إذ نشدتنا فإنّ سعدا كان لا يسير بالسّريّة، ولا يقسم بالسّويّة، ولا يعدل في القضيّة. قال سعد: أما واللّه لأدعونّ بثلاث: اللّهمّ إن كان عبدك هذا كاذبا قام رياء وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرّضه بالفتن، وكان بعد إذا سئل يقال: شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد. قال عبد الملك: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنّه ليتعرّض للجواري في الطّرق يغمزهنّ»)* «3».
6-* (قال عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- أعظم الخطايا الكذب، ومن يعف يعف اللّه عنه. وقال: إنّ للملك لّمة (أي المرّة يمرّها) وللشّيطان لمّة: فلمّة الملك إيعاد بالخير، وتصديق بالحقّ، فإذا رأيتم ذلك فاحمدوا اللّه، ولمّة الشّيطان إيعاد بالشّرّ وتكذيب بالحقّ. فإذا رأيتم ذلك فتعوّذوا باللّه»)* «4».
7-* (قال عبد الرّحمن بن أبي ليلى: «ما ماريت أخي أبدا؛ لأنّي إن ماريته إمّا أن أكذّبه، وإمّا أن أغضبه»)* «5».
8-* (قال البخاريّ وغيره مرفوعا: «لا يؤمن
__________
(1) البخاري- الفتح 7 (3707).
(2) البخاري- الفتح 5 (245)، ومسلم (1610) واللفظ له.
(3) البخاري- الفتح 2 (755).
(4) الفوائد لابن القيم (201).
(5) الآداب الشرعية لابن مفلح (1/ 18).العبد الإيمان كلّه حتّى يترك الكذب في المزاح، ويترك المراء وإن كان صادقا»)* «1».
9-* (قال مسعر بن كدام يوصي ابنه كداما:
إنّي منحتك يا كدام وصيّتي ... فاسمع لقول أب عليك شفيق
أمّا المزاحة والمراء فدعهما ... خلقان لا أرضاهما لصديق
إنّي بلوتهما فلم أحمدهما ... لمجاور جارا ولا لرفيق
والجهل يزري بالفتى وعمومه ... وعروقه في النّاس أيّ عروق)* «2».
10-* (قال إبراهيم التّيميّ: «ما عرضت قولي على عملي إلّا خشيت أن أكون كاذبا»)* «3».
11-* (قال أبو عبد اللّه الإمام أحمد: الكذب لا يصلح منه جدّ ولا هزل»)* «4».
12-* (قال الذّهبيّ: يطبع المسلم على الخصال كلّها إلّا الخيانة والكذب»)* «5».
13-* (قال ابن القيّم- رحمه اللّه تعالى: إيّاك والكذب؛ فإنّه يفسد عليك تصوّر المعلومات على ما هي عليه، ويفسد عليك تصويرها وتعليمها للنّاس») «6».
14-* (وقال- رحمه اللّه-: «فإنّ الكاذب يصوّر المعدوم موجودا والموجود معدوما. والحقّ باطلا، والباطل حقّا، والخير شرّا والشّرّ خيرا، فيفسد عليه تصوّره وعلمه عقوبة له، ثمّ يصوّر ذلك في نفس المخاطب)* 7.
15- (وقال أيضا: ولهذا كان الكذب أساس الفجور كما أخبر الصّادق المصدوق صلّى اللّه عليه وسلّم) 8.
16-* (وقال أيضا- رحمه اللّه-: إنّ أوّل ما يسري الكذب من النّفس إلى اللّسان فيفسده، ثمّ يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها، يعمّ الكذب أقواله وأعماله وأحواله، فيستحكم عليه الفساد ويترامى داؤه إلى الهلكة»)* 9.
17-* (قال صالح بن عبد القدّوس:
واختر صديقك واصطفيه تفاخرا ... إنّ القرين إلى المقارن ينسب
ودع الكذوب ولا يكن لك صاحبا ... إنّ الكذوب لبئس خلّا يصحب)* «10».
18-* (وقال بعض الشّعراء:
وما شيء إذا فكّرت فيه ... بأذهب للمروءة والجمال
من الكذب الّذي لا خير فيه ... وأبعد بالبهاء من الرّجال)* «11».
__________
(1) الآداب الشرعية لابن مفلح (1/ 18).
(2) الآداب الشرعية (1/ 19).
(3) فتح الباري (1/ 135).
(4) الآداب الشرعية (1/ 20).
(5) الميزان، اللسان.
6- 9 كلها من الفوائد (187).
(10) الترغيب والترهيب (4/ 52- 53).
(11) أدب الدنيا والدين (253).
من مضار (الكذب)
(1) الكذب وسيلة لدمار صاحبه أمما وأفرادا.
(2) الكذب قد يؤدّي بصاحبه إلى النّار.
(3) الكذب سراب يقرّب البعيد ويبعّد القريب.
(4) الكذب يذهب المروءة والجمال والبهاء.
(5) الكذّاب لصّ يسرق العقل كما يسرق اللّصّ المال
(6) الكاذب مهان ذليل.
(7) الأمم الّتي كذّبت الرّسل لاقت مصيرها من الدّمار والهلاك.
(8) يورث فساد الدّين والدّنيا.
(9) دليل على خسّة النّفس ودناءتها.
(10) احتقار النّاس له وبعدهم عنه.
(11) يمقت نفسه بنفسه ويحتقرها.